كما نرى اليوم، لم يعد التعامل بالوسائل التقليدية الورقية أمرًا منجزًا أو ذا فاعلية، وبالتالي برزت أهمية معرفة وشرح نظام التعاملات الإلكترونية والذي يهدف إلى حماية حقوق المتعاملين وتوفير بيئة آمنة وموثوقة لإجراء هذه التعاملات.
يعدّ نظام التعاملات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية ولائحته التنفيذية من أهم التشريعات التي تهدف إلى تنظيم هذا المجال الحيوي، من خلال وضع إطار قانوني شامل ينظم استخدام الوسائل الإلكترونية في إنجاز المعاملات المختلفة، سواء كانت تجارية أو حكومية أو شخصية، كما يهدف إلى توفير الحماية القانونية اللازمة للمتعاملين إلكترونيًّا وتحديد مسؤوليات الأطراف المختلفة، ووضع الضوابط والمعايير التي تضمن صحة وسلامة هذه التعاملات.
إذا كنت مهتمًّا بالتعرف على نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية في السعودية، فأنت هنا في المكان المناسب، حيث تجد كل ما يتعلق بهذا الشأن من استعراض لأهم أحكام النظام واللائحة وشرح المفاهيم الأساسية المتعلقة بالتعاملات الإلكترونية وتوضيح الحقوق والالتزامات المترتبة على أطراف هذه التعاملات..الخ، فتابع معنا.
أهمية التعرف على نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية
إنه سؤال مشروع، أن تسأل عن مدى أهمية التعرف على نظام المعاملات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية، والإجابة على ذلك أنه أمر ضروري لكل من يتعامل بالوسائل الإلكترونية سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات لضمان حماية حقوقهم وتجنب الوقوع في مشاكل قانونية.
ما المقصود بالتعاملات الإلكترونية؟
التعاملات الإلكترونية هي أي تفاعل أو تواصل أو اتفاق أو إجراء يتم بشكل كامل أو جزئي باستخدام الوسائل الإلكترونية، وقد تم إصدار نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية في المملكة العربية السعودية بهدف إنشاء إطار قانوني يحكم هذه المعاملات ويحدد حقوق وواجبات أطرافها، ويوفر بيئة آمنة وموثوقة لتسهيلها وحماية حقوق مستخدميها ومنع إساءة استخدام هذه التقنيات.
ومن البديهي أن نلاحظ الكثير من الفروق بين كل من التعاملات التقليدية الورقية والمعاملات الإلكترونية، فقد تميزت الأخيرة بمستويات عالية من السرعة والأمان، مع تخفيض التكاليف وسهولة الوصول إلى الخدمات الإلكترونية على مدار الساعة ومن أي مكان.
مكونات وأهداف إنشاء نظام المعاملات الالكترونية في السعودية
يتكون نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية في السعودية من مجموعة متكاملة من العناصر الأساسية التي تضمن فعاليته وأمانه، وتشمل: الإطار القانوني المتمثل في التشريعات واللوائح التي تنظم استخدام الوثائق والتجارة الإلكترونية، والبنية التحتية التكنولوجية المتطورة التي توفر منصات رقمية آمنة وفعالة لتخزين ونقل البيانات وأنظمة الأمن السيبراني المتقدمة التي تحمي البيانات والمعاملات من التهديدات والاختراقات الإلكترونية.
ويتم تطبيق هذا النظام على جميع المعاملات التي تتم إلكترونيًّا، سواء كانت تجارية، إدارية، أو شخصية، في القطاعين العام والخاص، بهدف ضمان أمن وكفاءة التعاملات الرقمية، كما يهدف إلى تحقيق القيم والبنود التالية:
1. توفير مستويات عالية من الأمن والحماية للبيانات والمعاملات الرقمية.
2. ترسيخ مبدأ الشفافية والوضوح من خلال إتاحة البيانات والمعلومات الحكومية والتجارية وجعلها في متناول الجميع.
3. رفع مستوى فعالية وكفاءة إنجاز المعاملات وتقليل النفقات والتكاليف المرتبطة بها.
ولتحقيق الأهداف السابقة، نجد أن هناك عدة جهات حكومية تساهم في تطبيق هذا النظام، حيث تتولى وزارة التجارة والاستثمار مسؤولية الإشراف على الالتزام بالقوانين المنظمة للمعاملات التجارية الإلكترونية، بينما تضطلع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بدور حيوي في توفير الدعم التكنولوجي اللازم وصيانة البنية التحتية الرقمية وتعنى الجهات الأمنية بضمان أمن الفضاء الإلكتروني وحماية البيانات من التهديدات السيبرانية.
ويجدر التنبيه إلى أن هناك استثناءات من تطبيق هذا النظام تتضمن بعض أنواع المعاملات التي تتطلب إجراءات خاصة أو حماية إضافية، مثل: المعاملات القضائية والتوثيقية كالإرث والوصية والأحوال الشخصية التي تستلزم توثيقا رسميًّا أو شهود عيان، وكذلك المعلومات الحساسة ذات الصلة بالأمن القومي التي تتطلب مستويات عالية من السرية والحماية.
أثر نظام التعاملات الإلكترونية على القطاعات الحيوية
جدير بالذكر، أن نظام التعاملات الإلكترونية قد أحدث تأثيرًا كبيرًا على مختلف القطاعات الحيوية، حيث ساهم في تسهيل المعاملات المصرفية والمالية وتعزيز أمنها الرقمي، وتحسين إدارة السجلات الطبية وإتاحة الوصول إلى الخدمات الصحية عبر الإنترنت، وتوفير بيئة تعليمية مرنة وشاملة من خلال منصات التعلم الإلكتروني، ورفع كفاءة الخدمات الحكومية وتقديمها إلكترونيًّا لتيسير وصول المواطنين إليها.
تبرز هذه العناصر مجتمعة الأهمية القصوى لهذا النظام في دعم وتسريع عملية التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية وتقديم خدمات أكثر كفاءة وفعالية لكل من المواطنين والمؤسسات على حد سواء.
التوقيع الإلكتروني أحد عناصر نظام التعاملات الإلكترونية
التوقيع الإلكتروني هو مفهوم قانوني تقني يستخدم لإثبات هوية الموقِّع على المستند الإلكتروني والتأكد من سلامة هذا المستند وضمان عدم التلاعب به.
يتمتع التوقيع الإلكتروني بنفس القوة القانونية للتوقيع الخطي، ويترتب عليه نفس الآثار النظامية، في حال استيفاء مجموعة من المعايير متمثلة في: إمكانية إثبات هوية الموقّع بشكل قاطع ومانع للبس، والحماية من التغييرات من خلال ضمان عدم إمكانية تعديل الوثيقة بعد التوقيع عليها دون كشف هذا التعديل، وضمان سلامة محتوى الوثيقة وعدم العبث بها، بحيث يتم توثيقها وكشف أي تغييرات تطرأ عليها بعد التوقيع بشكل واضح، فضلًا عن وجوب الحفاظ على سرية البيانات والمعلومات المتصلة بالتوقيع وعدم إفشائها لغير المصَّرح لهم.
أهم مميزات التوقيع الإلكتروني
يقدم التوقيع الإلكتروني العديد من المزايا لكل من الأفراد والمؤسسات، ويكفي أن ترى إتمام معاملاتك بسرعة البرق، حيث يسرع التوقيع الإلكتروني من وتيرة الموافقة على المستندات، الأمر الذي يحسن الكفاءة التشغيلية، ويقلل الوقت اللازم لإنجاز المهام.
يساهم التوقيع الإلكتروني أيضًا في خفض التكاليف بشكل ملحوظ، حيث يقلل الاعتماد على الورق والطباعة والبريد مما يوفر نفقات التشغيل، كما يمنح مستويات عالية من الأمان والمصداقية من خلال استخدام تقنيات التشفير المتقدمة التي تضمن سلامة المستندات وصحتها، فضلًا عن سهولة استخدامه، حيث يمكن توقيع الوثائق في أي وقت ومن أي مكان باستخدام الأجهزة المحمولة أو الحواسيب.
لا ننسى أيضًا الجانب البيئي، حيث يساهم التوقيع الإلكتروني في الحفاظ على البيئة من خلال تقليل استهلاك الورق والموارد الطبيعية، وكل ذلك يجعله خيارًا مثاليًّا للأفراد والشركات التي تطمح إلى تحقيق أعلى مستويات الكفاءة والفعالية.
حجية التعاملات الإلكترونية في السعودية
نصت المادة الخامسة من نظام التعاملات الإلكترونية في السعودية على أن المعاملات والسجلات والتوقيعات الإلكترونية لها حجيتها الملزمة ولا يجوز نفي صحتها أو قابليتها للتنفيذ ولا منع تنفيذها، طالما أنها حققت الشروط المنصوص عليها في هذا النظام.
تستند حجية التعاملات الإلكترونية في النظام السعودي على ثلاثة أركان أساسية، هي: التوقيع الإلكتروني المعتمد الذي يجب أن يستوفي الشروط المنصوص عليها في النظام ولائحته التنفيذية، بما في ذلك الارتباط بشهادة تصديق رقمي معتمدة وسارية المفعول، وقابلية التحقق من هوية الموقّع وضمان عدم التلاعب بالمستند بعد التوقيع، وهذا يضمن أن التوقيع ملزما قانونًا لصاحبه.
أما الركن الثاني، فيتمثل في سلامة السجل الإلكتروني، حيث يجب اتخاذ التدابير اللازمة لضمان إنشاء السجل وحفظه ونقله بشكل آمن يمنع أي تعديل أو تلف أو ضياع للبيانات، بينما يتمثل الركن الثالث في إمكانية الوصول إلى المعلومات بالنسبة للأطراف المعنية والجهات القضائية عند الحاجة، ضمانًا للشفافية وإمكانية المراجعة والتدقيق.
آلية حفظ السجلات والبيانات وفقا لنظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية
تخضع عملية حفظ السجلات والبيانات الإلكترونية لضوابط صارمة تضمن سلامتها وموثوقيتها، حيث يجب أن تتوافق مع متطلبات حفظ السجلات التقليدية، مع مراعاة أحكام المادة السادسة من نظام التعاملات الإلكترونية.
يجب حفظ السجلات الإلكترونية بصيغتها الأصلية بكامل بياناتها مع إمكانية أرشفتها بأي شكل إلكتروني يحافظ على محتواها وجودتها، إضافةً إلى ضرورة تضمينها بيانات أساسية بما في ذلك: معلومات منشئ السجل، معلومات المرسل في حال كان مختلفًا عن المنشئ، معلومات المرسَل إليه، رقم العملية وطبيعتها، تاريخ ووقت الإنشاء والإرسال والاستلام، والمعلومات الخاصة بإعادة الإرسال أو التعديل أو الإلغاء، إضافة إلى رسائل إقرار الوصول إذا طلبها المرسل.
ختامًا، ومع تزايد الاعتماد على الوسائل الإلكترونية في إنجاز المعاملات التجارية والإدارية والشخصية، وفرض مجموعة من القوانين التي تتطلب الخبرات المناسبة للتعامل معها، أصبح من الأهمية بمكان الاستعانة بمكتب سهل للمحاماة والذي يضم مجموعة من المتخصصين ذوي الخبرة بكافة جوانب نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية في السعودية، إضافة إلى الأنظمة الأخرى ذات الصلة مثل: نظام مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية البيانات الشخصية، وبالتالي القدرة على تقديم المشورة القانونية الصحيحة والمناسبة لكل حالة.