3 min read
07 Nov
07Nov

تقرأ في هذه المقال تبسيطًا لمفهوم نظام حوكمة الشركات نظرًا لأهميته، حيث خلصت العديد من الدراسات الأكاديمية إلى أن الشركات ذات الإدارة الجيدة تعمل بشكل أفضل من الناحية التجارية، فما هي علاقة الحوكمة بذلك؟ وما أثرها في تحسين قيم الشفافية والمساءلة داخل الأنظمة القائمة في الشركة؟

تتعرض الشركات إلى الفساد الداخلي والانهيارات، وتحتاج إلى يكون لدي مديريها خلفية كافية حول المسؤوليات التي تقع على عاتقهم في كشف أوجه القصور في هذه الشركات، لذا كان تطبيق معايير حوكمة الشركات هو الطريق الأمثل لحماية سمعة الشركة وتنمية أرباحها النهائية، وفيما يلي أهم التعريفات التي توضح مفهوم الحوكمة وأهم مبادئها.

جانب من التعريفات التي تبسط مفهوم نظام حوكمة الشركات

أصبح نظام حوكمة الشركات أكثر أهميةً من أي وقت مضى لإدارة شركة ناجحة، وهناك الكثير من التعريفات التي توضح مفهوم هذا النظام، منها على سبيل المثال:

أنها الطريقة التي يتحكم بها المديرون في الشركة، ويتخذون على أساسها القرارات، خاصةً تلك القرارات التي يكون لها تأثير مهم على المساهمين.

أو أنها مجموعة من القواعد والعمليات والقوانين التي يتم من خلالها تشغيل الشركات وتنظيمها ومراقبتها، بما فيها العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على مصالح أصحاب المصلحة في الشركة، من المساهمين والعملاء والموردين والمنظمين الحكوميين والإدارة.

جدير بالذكر، أن المتخصصين في هذا المجال حددوا أهم سمات الحكم الرشيد للشركات، والتي تتمثل في اجتماع مجلس إدارتها بانتظام لممارسة الإشراف الفعال والسيطرة على الأعمال، على أن تكون النقاشات في هذه الاجتماعات مثمرةً وبناءة تحقق توازنًا مناسبًا بين المديرين التنفيذيين وغير التنفيذيين.

من سمات الحكم الرشيد للشركات أيضًا هو تعيين القيادات ذات الكفاءة وتوضيح أدوارهم وخضوعهم للتدريبات والتقييمات المستمرة، وكذلك ينبغي أن تخضع مجالس الإدارة لعمليات تقييم منتظمة للتأكد من أنها تعمل بشكل فعال.

لماذا حوكمة الشركات؟

تطبق الشركات مبادئ حوكمة الشركات بشكل علمي ومنهجي سليم بهدف تعزيز مستوى الثقة لدى المساهمين والمستثمرين فيها، كما أن ذلك يعد دليلًا على إحاطة إدارة الشركة بالمخاطر والقدرة على مواجهتها وإدارتها، الأمر الذي يؤدي إلى جذب المستثمرين وكسب ثقتهم.

تعد حوكمة الشركات أيضًا بمثابة حاجز قوي أمام الممارسات الفاسدة من خلال زيادة إجراءات الإشراف والرقابة الداخلية على توزيع الأموال واتخاذ القرارات وتحديد المعايير الأخلاقية والسلوكية، وهذا ينعكس على المجتمع بالتقدم الاقتصادي والاجتماعي.

على صعيد آخر، فإن تطبيق نظام حوكمة الشركات يطمئن مالك الشركة إلى التزام أعضاء مجلس إدارتها بتحقيق الأهداف والحفاظ على حقوق جميع أصحاب المصلحة وتحقيق مبدأ العدالة والشفافية.

لماذا يعد تطبيق نظام حوكمة الشركات أمرا ضروريا للتنمية؟

تعد الشركات على اختلاف أحجامها مفتاح تكوين الثروات في المجتمعات الحديثة، وهي المصدر الرئيسي للقيمة الاقتصادية وخلق فرص العمل ويعني تطبيق الحوكمة الجيدة فيها تحقيق الاستخدام الأمثل والأكثر كفاءة للموارد، وتطوير أسواق رأس المال المحلية والإقليمية بطريقة مستدامة.

ماذا عن حوكمة الشركات في السعودية؟

تهدف حكومتنا الرشيدة إلى تحقيق النزاهة والشفافية والمنافسة العادلة، لذا فقد نشرت الجهات المعنية لائحة حوكمة الشركات في الجريدة الرسمية، حيث تتضمن القواعد والمعايير التي تحكم ممارسات إدارة الشركات وتحافظ على حقوق أصحاب المصلحة فيها، تساعد هذه القواعد على بقاء الشركات واستمرارها وتطورها، كونها إحدى وسائل الاستثمار التي يزدهر بها الاقتصاد في البلاد.

تتضمن هذه اللائحة أهم التعريفات ذات الصلة، حقوق المساهمين والجمعية العامة، والسياسات والإجراءات المتعلقة بالإفصاح والشفافية، مسؤوليات مجلس الإدارة واختصاصاته وتكوينه ولجانه، لجنة الترشيحات والمكافآت، والمواد ذات الصلة بتعارض المصالح في مجلس الإدارة.

أهم أهداف حوكمة الشركات في السعودية

  1. وضع نظام يتم من خلاله توجيه الشركات والتحكم فيها، ومساعدة أعضاء مجلس الإدارة على تحديد الأهداف الاستراتيجية للشركة، وتوفير القيادات التنفيذية المناسبة، والإشراف على إدارة الأعمال وتقديم التقارير للمساهمين حول إشرافهم.
  2. تعزيز عملية صنع القرارات التي يتم إدارتها بشكل جيد وخاضع للمساءلة على جميع مستويات الشركة، حيث يجب أن يفهم كل موظف أو عامل جديد مسؤولياته، بما في ذلك ما هو متوقع وممنوع.
  3. تسهيل الإدارة الفعالة والحكيمة التي تساهم بشكل رئيسي في تحقيق نجاح طويل الأجل للشركة.
  4. خلق بيئة استثمارية مستقرة ذات مسؤولية، وقادرة على حماية ممتلكات المساهمين والمستثمرين.
  5. تطوير وتنفيذ سياسات الشركة التي تعزز الامتثال التنظيمي والسلوك الأخلاقي عبر مجموعة الشركة بأكملها.
  6. تحقيق أهداف الشركة في جميع مجالات الإدارة، والاعتراف بأهمية المساهمين ودورهم في انتخاب أعضاء الشركة في مجلس الإدارة، وتمويل عمليات الشركة وتقديم آرائهم بشكل مباشر في إدارة الأعمال.
  7. الحد من مخاطر عدم الامتثال للالتزامات القانونية والتنظيمية، ومساعدة الشركة على مواجهة الاتهامات أو الافتراضات بالتقصير فيها.
  8. ضمان اجتماع مجلس إدارة الشركة بانتظام، والاحتفاظ بالسيطرة على الأعمال التجارية فيها، وتوفير نظام قوي لإدارة المخاطر.
  9. القدرة على اتخاذ قرارات قوية وفعالة من خلال العمليات والممارسات والسياسات، فضلًا عن كونها بمثابة خط الدفاع الأول ضد أي ادعاء بالتقصير في أداء واجبات الشركة.
  10. تنفيذ نظام الضوابط والتوازنات الذي يقلل من تضارب المصالح بين مختلف أصحاب المصلحة.
  11. جذب المقرضين والمستثمرين والشركاء التجاريين وهيئات التمويل الحكومية وغيرهم، والذين تحقيق معايير عالية لـ حوكمة الشركات ويرغبون في الاطلاع على التقارير والوثائق ذات الصلة عند الدخول في اتفاقيات.


المبادئ الخمسة لـ حوكمة الشركات

تختلف لائحة حوكمة الشركات من شركة إلى أخرى، ومع ذلك تعتمد معظم الشركات المبادئ الخمسة التالية:

  1. المعاملة العادلة والمنصفة لجميع أصحاب المصلحة في الشركة من مساهمين ومستثمرين وعملاء وموظفين.
  2. الالتزام بالبنود القانونية وكافة البنود التي يتم الاتفاق عليها في العقود تجاه كل من المساهمين وغير المساهمين في الشركة.
  3. الالتزام بضمان التنوع داخل الشركة.
  4. إجراء عمليات الرقابة، وامتلاك المهارات الكافية لمراجعة ممارسات الإدارة.
  5. تحقيق قيمة الشفافية، حيث يجب الإفصاح عن جميع سياسات وإجراءات حوكمة الشركات لأصحاب المصلحة المعنيين.



كيف تحقق مبادئ حوكمة الشركات في شركتك؟

تتحقق مبادئ حوكمة الشركات على النحو التالي:

  • ضمان المساءلة والشفافية لجميع المسؤولين والموظفين والعاملين في الشركة.
  • توضيح واجبات كل موظف في الشركة.
  • تحديد اختصاصات مجلس الإدارة واللجان المنبثقة عنه.
  • مراعاة الاختلافات بين البلدان على المستوى التنظيمي والثقافي.
  • توفير الحماية لأعضاء الشركة والمسؤولين والإدارة.
  • الاحتفاظ بكافة التقارير والسجلات الخاصة بالشركة.
  • التأكد من أن السجلات القانونية للشركة محدثة.
  • اجتماع مجلس الإدارة بانتظام بشكل كاف للحفاظ على السيطرة على الأعمال التجارية ومراقبة أدائها، والحصول على معلومات إدارية واضحة وفي الوقت المناسب.
  • التأكد من مراعاة القواعد واللوائح ذات الصلة، بما في ذلك لوائح وسياسات الشركة.


يمكننا أن نوضح مثالًا على ممارسات حوكمة الشركات الجيدة، فهي التي تحدد هيكلها القيادي بشكل جيد متوافق مع إدارة الأعمال، وتنفذه بحيث يعمل لصالح جميع المعنيين، مع وضع استراتيجية طويلة المدى وهدف واضح، وضمان التزام الشركة بالمعايير الأخلاقية وأفضل الممارسات القانونية.

لقد اكتسبت حوكمة الشركات أهميةً كبيرةً كأداة أساسية في إدارة ونمو الشركات، ويتوقع زيادة أهميتها مع زيادة مطالب المستثمرين وبحثهم عن الأمن والشفافية والإنصاف والامتثال والاعتماد والمساءلة، الأمر الذي يساعد الشركات على البقاء قابلة للاستمرار على المستوى المالي وبناء علاقات قوية مع المجتمع والمساهمين والمستثمرين.

وعلى النقيض من ذلك، فإن عدم تحقيق معنى حوكمة الشركات بالشكل الجيد ينتج عنه الفشل في تحقيق أهداف الشركة، وانهيارها وتعرّضها للخسائر المادية والمعنوية، فضلًا عن فقدان الدعم من أصحاب المصلحة من المساهمين والمستثمرين.

كيفية تقييم حوكمة الشركات

حينما يبحث المستثمرون عن شركات يستثمرون فيها، فإنهم يختارون الشركات التي تمارس الحوكمة الجيدة بهدف تجنب الخسائر أو العواقب الأخرى مثل الإفلاس.

ويمكن لهؤلاء البحث في بنود معينة في الشركة لتحديد ما إذا كانت تمارس حوكمةً مؤسسيةً جيدة أم لا، ومن ذلك التأكد من:

  1. ممارسات الإفصاح.
  2. إدارة المخاطر.
  3. إجراءات الموازنة بين تضارب المصالح، وكيف تعامل الشركة مع قرارات العمل التي قد تتعارض مع بيان مهمتها
  4. أعضاء مجلس الإدارة.
  5. الالتزامات التعاقدية والاجتماعية.
  6. العلاقات مع البائعين.
  7. كيفية التعامل مع الشكاوى الواردة من المساهمين.
  8. عمليات التدقيق والمراجعات الداخلية والخارجية.
  9. كيفية التعاملات مع المشكلات.

أما عن ممارسات الحوكمة السيئة فتتمثل في تلك الشركات التي لا تتعاون بشكل كاف مع المراجعين أو المدققين وكذلك تلك التي لا تختار مراجعيها بما يناسب حجم الشركة، الأمر الذي يؤدي إلى إصدار تقارير مالية غير دقيقة، أو وجود مجالس إدارة غير جيدة وما إلى ذلك.


دور الحوكمة في استدامة الشركات وتحقيق رؤية المملكة 2030

تعمل الحوكمة على استدامة الشركات، وتخلق المزيد من الاستثمارات الداخلية في بيئة اقتصادية آمنة وتجذب الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي يساهم في تبادل المنافع والخبرات، ويحسن عملية التنافس والظهور في الأسواق الإقليمية والعالمية، وهذا يؤدي بدوره إلى التطوير المؤسسي في البلاد وتحقيق الرؤية التنموية التي تهدف إليها رؤية المملكة 2030.

بمعنى آخر، تعد حوكمة الشركات خطوةً عمليةً في تحقيق رؤية المملكة بما تتضمنه من مبادئ الشفافية، المسؤولية، الفاعلية، استدامة الشركات وتنميتها ومحاربة الفقر والبطالة، وجميعها قيم توافق شريعتنا الإسلامية الغراء.

ماذا يقتضي تطبيق معايير حوكمة الشركات بشكل سليم؟

يختار أصحاب الشركات الناجحة التي تتطلع نحو النمو والاستدامة أفضل مكاتب المحاماة المتخصصة في مجال الشركات والبنوك والمؤسسات وما يتعلق بها من أمور وقضايا والتي تعتمد أفضل الأدوات والتقنيات والكفاءات المهنية في تحقيق أفضل النتائج لموكّليها.

تقدم هذه المكاتب خدماتها في مجال المحاماة والاستشارات القانونية ذات الصلة بحوكمة الشركات في السعودية على النحو التالي:

  • إعداد لائحة حوكمة الشركات "المدرجة وغير المدرجة"، بما يتوافق مع طبيعة الشركة، والأنظمة والقوانين المعتمدة في المملكة العربية السعودية.
  • تقديم التقارير الدورية للشركات ذات الصلة بالحوْكمة.
  • تقديم الاستشارات القانونية فيما يتعلق بأفضل الممارسات في مجال الحوكمة.
  • تقديم الاستشارات القانونية التي تساهم في الحد من المخاطر التي قد تتعرض لها الشركة.
  • تمثيل الشركة في كافة القضايا التي ترفعها أو تُرفع ضدها.
  • حوكمة الشركات العائلية، وهي تتطلب مهارات أكثر دقة للتداخل الحاصل بين العائلة والشركة الأمر الذي يتطلب تطبيق معايير الحوكمة لكل منهما، حتى تستمر هذه الشركات إلى الأجيال القادمة.

إن تطبيق حوكمة الشركات بشكل سليم والالتزام بقواعدها يعد صمام أمان للشركات على اختلاف حجمها وطبيعة نشاطها، حيث تساعد الحوكمة على استدامتها وتطورها وضمان عدم فشلها على المستوى المالي والإداري، وذلك بسبب إحداث التوازن بين مصالح كل من مجلس إدارة الشركة وأصحاب المصلحة فيها.

على صعيد آخر، فإن للحوكمة دور كبير في جذب المزيد من رؤوس الأموال، والاستثمار الأجنبي وخلق بيئة استثمارية مستقرة قادرة على حماية ثروات المستثمرين، وإحكام عمليات الإشراف والرقابة للحد من التعاملات الفاسدة.


Comments
* The email will not be published on the website.