للعقارات أهمية كبيرة في المملكة العربية السعودية ويؤكد هذا الإهتمام التطوير والتحديث المستمر حتى يومنا هذا سواء للأنظمة والتشريعات الخاصة بالعقارات وحمايتها وأيضاً الأنظمة والتشريعات المنظمة للأنشطة العقارية التي يمكن مزاولتها في المملكة العربية السعودية، فالقطاع العقاري السعودي أحد أهم مجالات الإستثمار، فهو الرابح الأكبر بين جميع مجالات الإستثمار في السعودية، فسوق العقارات في السعودية ينمو يوماً بعد يوم وهذا لتزايد أعداد السكان في المملكة وأيضاً النمو الإقتصادي، فتنم الحاجة للمزيد من بناء العقارات والإستفادة منها، كما أن مفهوم العقار ليس مقتصر فقط على ما يتم بنائه في المملكة ، ولكنه يشمل بصورة أكبر قطعة الأرض وما تحتها وما فوقها، ولهذا مجال الإستثمار العقاري في السعودية يعتبر مجالاً واسعاً، بحيث يمكن شراء قطعة أرض وبنائها وبيع شقق فيها أو تأجيرها، أيضاً يمكن الإكتفاء بشراء شقق وتأجيرها أو بيعها بسعر يدر بالربح، وكذلك يمكن شراء الأراضي وتأجيرها للمستثمرين لإقامة بعض مشاريعهم عليها، كل تلك الصور تعد من أهم طرق الإستثمار في العقار في السعودية ، ولكن لكى تتمكن من الإستثمار العقاري أو حتى شراء عقارات دون استثمار فيها، يجب أن يكون هناك حماية لهذه العمليات، وهنا يأتي دور المملكة، حيث أصدرت مؤخراً نظام يسمى نظام التسجيل العيني للعقار، والذي يعتبر الأداة الأساسية لحماية الملكية العقارية في السعودية وحماية المتعاملين في القطاع العقاري السعودي، ومن هذا المنطلق وعلى أثر أهمية حماية الملكية العقارية في المملكة العربية السعودية، سوف نبرز في هذا المقال ماهية التسجيل العيني للعقار في السعودية، وما هي أهمية هذا التسجيل بالنسبة للمتعاملين في القطاع العقاري السعودي.
حيث أن وفق ما سبق ذكره بأن مفهوم العقار في السعودية يشمل قطعة الأرض وما تحتها وما فوقها، فإن التسجيل العيني يجعل العقار محل الحق العقاري أساساً لقيد الحق، وهذا الحق يسمى بالحق العقاري وهو سلطة مباشرة مقرة نظاماً لشخص ذي صفة طبيعية أو إعتبارية أو أكثر على عقار معين تخوله التصرف فيه أو الإستئثار بمنافعه أو ببعضها، وبهذا يمكن تعريف السجل العقاري بأنه مجموعة من الوثائق كل وثيقة تسمى صحيفة العقار تبين أوصاف العقار وموقعه وحالته المادية والنظامية، وما يتبعه من حقوق وإلتزامات، والتعديلات التي تطرأ على ذلك، في ضوء الوثائق المعتبرة نظاماً، كما أن السجل العقاري يضم قاعدة بيانات عقارية وهى مجموعة البيانات الرقمية المكانية والوصفية للعقارات بكافة أشكالها وصورها وتتكون من طبقات وجداول وخرائط ومعالم مختلفة ومتكاملة مخزنة ومرتبطة مع بعضها البعض.
وفقاً للمادة الثالثة عشرة من نظام التسجيل العيني للعقار تسجل في السجل العقاري جميع التصرفات اللاحقة للتسجيل العيني الأول للعقار، والتي من شأنها إنشاء أي من الحقوق العينية الأصلية أو التبعية أو نقله أو تغييره أو زواله، أو تعديل بيانات العقار، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك، ولا تكون تلك الحقوق نافذة ومنتجة لآثارها القضائية والإدارية إلا بهذا التسجيل. ويدخل في تلك التصرفات القسمة العقارية والوصية والوقف والإرث والرهن والمنح ونحوها، يجب وفقاً للمادة الرابعة عشر من ذات النظام التأشير بجميع عقود الإيجار والإلتزامات الموثقة نظاماً التي ترد على منفعة العقار إذا كانت مدتها عشرة سنوات فأكثر، والأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك في السجل العقاري، ولا تكون هذه الحقوق نافذة ومنتجة لآثارها القضائية والإدارية إلا بهذا التأشير.
كما أوجبت المادة السادسة عشرة من ذات النظام التأشير بالدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري أو بتصرف من التصرفات الواجب تسجيلها، في السجل العقاري، متى تضمنت هذه الدعاوى إجراء تغيير في بيانات السجل، ولا تُسمع الدعوى إلا بعد تقديم ما يثبت حصول التأشير بمضمون الدعوى في السجل، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يقدم طلباً إلى المحكمة المختصة بصفة مستعجلة لمحو هذا التأشير، وتأمر المحكمة بمحوه متى تبين لها أن الدعوى التي تم التأشير بها كيدية.
ويتم التسجيل العيني الأول للعقار بإسم مالكه لأول مرة في السجل العقاري، ويكون التسجيل العيني الأول للعقار في المملكة العربية السعودية وفقاً لما يلي:
بينت المادة السابعة من نظام التسجيل العيني للعقار أنه يتم تحدد المنطقة العقارية بقرار يصدر عن الجهة المختصة، وتختص الجهة المختصة بالتسجيل العيني الأول لكل عقار واقع في المنطقة العقارية وتسجيل أي تصرفات لاحقة ترد عليه، كما يحب أن يتضمن القرار تحديد دقيق وبمعالم واضحة للمنطقة والمدة المحددة لإستقبال طلبات التسجيل العيني الأول، وكذلك يجب أن يعلن عن قرار تحديد المنطقة العقارية وفق الوسائل المنصوص عليها في المادة التاسعة من لائحة نظام التسجيل العيني للعقار، بحيث يتم الإعلان عنه في المنصة الإلكترونية للسجل العقاري السعودي، أو عن طريق النشر في الجريدة الرسمية وإحدى الصحف اليومية التي تصدر في منطقة العقار، أو عن طريق النشر عبر حسابات الهيئة العامة للعقار الرسمية في مواقع التواصل الإجتماعي، أو من خلال اللوحات في مداخل المنطقة العقارية.
هذا بالإضافة لضرورة أن يحتوي إعلان تحديد المنطقة العقارية على رقم وتاريخ قرار الهيئة بتحديد المنطقة العقارية، وموقع وحدود المنطقة أو المناطق العقارية بشكل دقيق وإرفاق خارطة توضيحية لكل منطقة، وطريقة إستقبال طلبات التسجيل العيني الأول والمدة المحددة لذلك، ودعوة لذوي الشأن من ملاك وأصحاب الحقوق العينية لتقديم طلبات التسجيل العيني الأول خلال المدة المحددة، كما أنه يجب أن يبلغ قرار تحديد المنطقة العقارية إلى كافة الجهات ذات العلاقة بالتسجيل العيني الأول فور صدوره.
حددت المادة الثامنة من نظام التسجيل العيني للعقار بعض الشروط التي إذا توافرت يتم التمكن من التسجيل العيني الأول للعقار في السعودية ومن تلك الشروط، أن يكون للعقار ما عدا العقارات المملوكة للدولة صك ملكية وهي وثيقة صادرة عن السجل العقاري لإثبات بيانات عقار مطابقة للسجل، ومستوفي للمتطلبات النظامية، وأن يكون العقار مكتمل البيانات الجيومكانية كالعمليات الفنية التي تبين حدود وأطوال ومساحة العقار في الطبيعة وإحداثياتها والخرائط العقارية اللازمة لها.
أفادت المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية لنظام التسجيل العيني للعقار بضرورة إرفاق بعض المستندات المثبتة للحقوق العينية بطلب التسجيل العيني الأول للعقار، بحيث يجب إرفاق رقم وتاريخ صك الملكية ومصدره ، والوثائق التي تثبت الحقوق العينية، والمستندات المتعلقة بالعقار من مخططات هندسية ورخص البناء والهدم، وضمانات البناء والتأمين ونحوها، هذا بجانب حق الجهة المختصة بطلب الإفصاح عن أي مستندات أو بيانات لازمة لصحة وسلامة التسجيل العيني الأول من أي شخص، وذلك وفق الفقرة الثانية من المادة الثامنة من نظام التسجيل العيني السعودي للعقار.
تجرى الجهة المختصة وفق الفقرة الثالثة من المادة الثامنة من نظام التسجيل العيني للعقار والفقرة الثالثة من المادة العاشرة من لائحته التنفيذية القيام بأعمال المساحة اللازمة والمتعلقة بالعقار محل التسجيل العيني الأول، كما يتم إشعار مقدم الطلب برقم طلب التسجيل العيني الأول، متضمن اليوم والتاريخ والوقت من خلال الطرق المنصوص عليها في المادة الخامسة من ذات اللائحة، كالإشعار عبر الرسائل النصية على الهاتف المحمول الموثق، أو الإشعار عبر البريد الإلكتروني المسجل في السجل العقاري، أو الإشعار عبر أحد الحسابات المسجلة في أي من الأنظمة الآلية الحكومية، أو الإشعار عبر كتاب مسجل.
يقوم المسجل العقاري وفق الفقرة الرابعة من المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية لنظام التسجيل العيني للعقار بالتحقق من الإشتراطات والمستندات المتعلقة بالطلب، ويعتمد التسجيل العيني الأول، كما يجب أن يراعى في حال كانت مساحة العقار في التسجيل العيني الأول أقل من المساحة المذكورة في صك العقار المقدم، فلا يعتمد التسجيل العيني الأول إلا بموافقة ذوي الشأن على النقص، وذلك وفق الفقرة الخامسة من ذات المادة من ذات اللائحة التنفيذية لنظام التسجيل العيني للعقار.
أوضحت المادة السابعة من نظام التسجيل العيني للعقار في فقرتها الثالثة عن إمكانية توثق التصرفات العقارية التي تقع على العقار الواقع في المنطقة العقارية، والتي تجري خلال فترة إجراءات التسجيل العيني الأول، هذا بجانب ما نصت عليه المادة الحادية عشر من اللائحة التنفيذية لنظام التسجيل العيني للعقار عن إقتراح اللجنة العليا للتسجيل العيني للعقار الجهة المعنية بتوثيق التصرفات العقارية في المنطقة العقارية المعلنة والتي تجري خلال فترة إجراءات التسجيل العيني الأول، ويضمن ذلك في قرار الإعلان الخاص بالمنطقة العقارية، كما أنه يحل من إنتقل له الحق العقاري خلال فترة إجراءات التسجيل العيني الأول محل المالك السابق في إستكمال إجراءات التسجيل العيني الأول.
كشفت المادة الثانية عشر من اللائحة التنفيذية لنظام التسجيل العيني للعقار عن الأثار التي تترتب حال وقوع إزدواجية أو تداخل بين صكوك الملكية المقدمة في شأن عقار واحد أثناء إجراءات التسجيل العيني الأول، بحيث أنه حال وقع هذا الإزدواج أو التداخل ولم يتفق الملاك، فإنه يتم وقف إجراءات التسجيل العيني الأول للعقار، ويرفض التسجيل، هذا بجانب أحقية التظلم وفق المادة الحادية والعشرون من النظام أمام الجهة المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإبلاغ بوقف إجراءات التسجيل، ويجب على الجهة المختصة البت في التظلم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، كما أنه في حال قبلت الجهة المختصة التظلم أمرت بالتسجيل أو التأشير، أما إن رفضته أو لم تتخذ قراراً في شأنه خلال تلك المدة، فلمقدمه التظلم أمام المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه برفض تظلمه أمام الجهة المختصة أو من تاريخ إنتهاء المدة المحددة لإتخاذ القرار بشأن التظلم دون إتخاذه، أيهما أسبق، ويوقف النظر في الطلبات اللاحقة إلى حين الفصل في التظلم.
أفادت المادة العاشرة من نظام التسجيل العيني للعقار أنه يحق لكل ذي مصلحة الإعتراض على التسجيل العيني الأول أمام المحكمة المختصة ما لم يكتسب التسجيل الحجية المطلقة، هذا بجانب ما بينته المادة الثامنة عشر من اللائحة التنفيذية لنظام التسجيل العيني للعقار بأن المعترض على التسجيل العيني الأول يتقدم بعد قيد الدعوى لدى المحكمة المختصة للسجل العقاري بطلب التأشير بالدعوى القضائية في السجل العقاري وقوائم الملاك.
أفادت المادة التاسعة عشرة من اللائحة التنفيذية لنظام التسجيل العيني للعقار أن الهيئة العامة للعقار تصدر صك تسجيل الملكية بناءً على السجل العقاري ويتضمن رقم العقار، والحقوق العينية وملاكها وبياناتهم، ونسبة تملكهم، وقيمة انتقال الحق العيني إن وجد، وبيان ما للعقار من حقوق وإلتزامات، وحدود العقار، وأطواله، ومساحته، وبيانات موقع العقار وتشمل على سبيل المثال: (اسم الحي، والمدينة)، و صورة مصغرة لخارطة العقار النهائية، توضح فيها الانكسارات في جميع الأضلاع واتجاهاتها، وزاوية الانكسار والطول الإجمالي لكل ضلع، وإحداثيات أركانها، ويستثنى من ذلك الوحدات العقارية المفرزة، والبيانات التخطيطية للعقار وتشمل على سبيل المثال: (رقم المخطط، رقم القطعة، رقم البلوك) -إن وجدت، وأوصاف العقار إجمالاً.
أوضحت المادة الحادية عشر من نظام التسجيل العيني للعقار أنه يترتب على التسجيل العيني للعقار إكتساب الحجية المطلقة بعد إنقضاء سنة من تاريخ نشر قوائم الملاك، كما يكون للمتضرر من التسجيل العيني الأول بعد إكتسابه الحجية المطلقة حق اللجوء إلى المحكمة المختصة وطلب التعويض من المتسبب دون الحق في طلب إلغاء التسجيل العيني الأول أو تعديل بياناته أو الحقوق الواردة فيه، كما أوضحت المادة السابعة عشرة من ذات النظام أنه يترتب على التأشير بالدعاوى المتعلقة بالعقار أن يكون أي حق تقرر بحكم نهائي في هذه الدعاوى حجة على من ترتبت لهم حقوق أو أثبت لمصلحتهم بيانات في السجل العقاري بعد إجراء هذا التأشير، وذلك متى ما سُجّل الحكم خلال تسعين يوماً من التاريخ الذي أصبح فيه الحكم نهائياً.
قد يهمك أيضاً: