يعد مجال تأسيس الشركات في المملكة العربية السعودية من أهم المجالات الإستثمارية بجانب كونها محور إهتمام رئيسي من المنظم السعودي لمواكبة التغيرات العالمية في ذلك المجال، فالشركات التجارية في المملكة العربية السعودية هي عبارة عن كيانات قانونية تؤسس بناء على عقد تأسيس أو نظام أساسي يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معاً لإقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة، فتلك الكيانات القانونية تعد من ضمن المحركات الأساسية للإزدهار الاقتصادي للمملكة العربية السعودية، بل وتخطو بها على قمة المؤشرات الإقتصادية الكبيرة بين باقي دول العالم، حيث يعد هذا رؤية السعودية لعام 2030م.
وفى مستهل الحديث يجب أن نذكر أن المنظم السعودي دائم الإهتمام بمجال تأسيس الشركات في السعودية، سواء من حيث إصدار الأنظمة الجديدة أو تحديثها، حيث جاء نتيجة هذا الإهتمام في الآونة الأخيرة صدور نظام الشركات الجديد، هذا النظام الذى جاء كإصلاح تشريعي لما قبله من أنظمة كانت تنظم مجال تأسيس وإدارة الشركات، وكذلك عمل نظام الشركات السعودي الجديد على تيسير إمكانية تأسيس العديد من أنواع الشركات داخل أراضي المملكة العربية السعودية كشركة التضامن أو التوصية البسيطة أو المساهمة أو المساهمة المبسطة أو الشركة ذات المسؤولية المحدودة، بجانب إضافة ضوابط تنظم وتسهل عملية إدارة كل شركة على حدا، ولعل من أكثر أنواع الشركات تأسيساً في السعودية هي شركة التضامن، وعلى أثر أهمية هذا النوع من الشركات في السعودية سوف نضع بين يدي المستثمرين ورواد الأعمال راغبي تأسيس هذا النوع من الشركات أهم الضوابط التأسيسية لها للتمكن من تأسيس شركة تضامن سعودية بصورة نظامية صحيحة.
حيث يعد من الضروري قبل التطرق لكيفية تأسيس شركة تضامن سعودية، معرفة ما هي شركة التضامن السعودية، فالشركات في المملكة العربية السعودية نوعان، نوع يسمى شركات الأشخاص ونوع آخر يسمى شركات الأموال ولكل منهما الخصائص التي تميزه، فشركة التضامن تقع من ضمن شركات الأشخاص، فالعنصر الأساسي فيها هم الشركاء بجانب ما يقدمونه من حصص في الشركة، ولهذا نجد أن نظام الشركات السعودي الجديد في مادته الخامسة والثلاثون عرف شركة التضامن بأنها شركة يؤسسها شخصان أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الإعتبارية يكونون فيها مسؤولين شخصياً في جميع أموالهم وبالتضامن عن ديون الشركة وإلتزاماتها، ويكتسب الشريك فيها صفة التاجر.
بين نظام الشركات السعودي الجديد كافة الضوابط والإجراءات التي يتم من خلال إتباعها تأسيس شركة تضامن في السعودية بصورة نظامية صحيحة، ومن ضمن تلك الضوابط والإجراءات ما يلي: -
فالمادة الخامسة من نظام الشركات السعودي الجديد بينت الضوابط المتبعة في طريقة تسمية شركة التضامن في السعودية بحيث أنه يمكن تسمية شركة التضامن بإسم تجاري سواء باللغة العربية أو بلغة أخرى، كما يجوز أن يكون إسم شركة التضامن مشتق من غرضها، أو إسم مميز، أو إسم واحد أو أكثر من الشركاء فيها الحاليين أو السابقين، أو منها معاً، وكذلك يشترط في إسم شركة التضامن السعودية ألا يكون مخالفاً لنظام الأسماء التجارية والأنظمة الأخرى واللوائح المعمول بها في المملكة، كما أنه من الضروري أيضاً أن يقترن بالإسم التجاري للشركة ما يبين شكلها النظامي
بينت بعض مواد نظام الشركات السعودي الجديد، ضوابط تحرير وكتابة عقد شركة التضامن في السعودية، حيث أكدت المادة السابعة من النظام بضرورة تأسيس شركة التضامن بموجب عقد تأسيس مع وجوب كتابته باللغة العربية، مع جواز أن يكون عقد التأسيس مقرون بترجمة للغة أخرى، كما أن النموذج الإسترشادي لعقد تأسيس شركة التضامن في السعودية يُعد من قِبل وزارة التجارة، هذا بالإضافة إلى أن عقد تأسيس شركة التضامن يجب أن يتضمن الأحكام والشروط والبيانات التي يتطلبها نظام الشركات السعودي الجديد، حيث نصت المادة السادسة والثلاثون من نظام الشركات السعودي على تلك البيانات الواجب تضمينها في عقد شركة التضامن، بحيث يجب أن يشمل بصفة خاصة على أسماء الشركاء وبياناتهم، وإسم الشركة ، والمركز الرئيسي للشركة، وغرض الشركة، ورأس مال الشركة وتوزيعه على الشركاء، وتعريف كافي بالحصة التي تعهد كل شريك بتقديمها وموعد استحقاقها، ومدة الشركة ، وإدارة الشركة ، وقرارات الشركاء والنصاب اللازم لصدورها، وكيفية توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء، وتاريخ بدء السنة المالية وإنتهائها، وإنقضاء الشركة، وكل هذا بالإضافة لأي أحكام أو شروط أو بيانات أخرى يتفق الشركاء على تضمينها في عقد تأسيس الشركة ولا تتعارض مع أحكام نظام الشركات الجديد.
أفادت المادة الثالثة عشر من نظام الشركات السعودي الجديد بأنه يمكن أن تكون حصة الشريك في شركة التضامن السعودية نقدية أو عينية أو الغثنتين معاً، كما أنه يجوز أيضاً أن تكون حصة الشريك عمل مقابل نسبة في الأرباح يحدد مقدارها في عقد تأسيس شركة التضامن، ولا يجوز أن تكون حصة الشريك في شركة التضامن السعودية ما له من سمعة أو نفوذ في المملكة، هذا بالإضافة لجواز تقديم الشركاء حصص في رأس مال شركة التضامن إلى شخص مقابل قيامه بعمل أو خدمات تعود على الشركة بالنفع وتحقق أهدافها، وذلك دون إخلال بأحكام نظام الشركات الجديد، وكذلك أيضاً بينت المادة الرابعة والأربعون من نظام الشركات السعودي أنه لا يجوز أن تكون حصص الشركاء في شركة التضامن السعودية ممثلة في صكوك قابلة للتداول.
أوضحت المادة السادسة عشر من نظام الشركات السعودي الجديد أن نظام السنة المالية لشركة التضامن في السعودية يتكون من إثنى عشر شهر تحدد في عقد تأسيسها، إلا إنه على الرغم من ذلك يجوز أن تحدد السنة المالية الأولى لشركة التضامن بما لا يقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثمانية عشر شهر تبدأ من تاريخ قيد الشركة لدى السجل التجاري.
أكدت المواد الثالثة والعشرون والسابعة والأربعون من نظام الشركات السعودي على ضرورة وجود أرباح توزع على الشركاء في شركة التضامن أو كذلك الأمر حال وجود خسائر بالشركة فإنها توزع أيضاً على الشركاء حسب نسبة حصة كل منهم، فالمادة السابعة والأربعون أوجبت تحديد الأرباح والخسائر ونصيب كل شريك فيها عند نهاية السنة المالية للشركة من واقع قوائم مالية معدة وفقاً للمعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة، كما أنه في حال لم ينص عقد تأسيس الشركة على أحكام خاصة بالأرباح والخسائر فإن كل شريك يعد دائناً للشركة بنصيبه في الأرباح بمجرد تحديد هذا نصيبه، أما المادة الثالثة والعشرون فأكدت أيضاً على تقاسم جميع الشركاء في شركة التضامن الأرباح والخسائر بحسب نسبة حصة كل منهم في رأس المال، كما أنه في حال إتفق الشركاء على حرمان أي منهم من الربح أو على إعفائه من الخسارة فإن هذا الإتفاق يعد كأن لم يكن، هذا ومن جانب أخر فإنه يجوز الإتفاق في عقد تأسيس شركة التضامن على تفاوت نسب الشركاء في الأرباح والخسائر، كما يجوز أيضاً الإتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسارة بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله.
نصت المادة الثامنة من نظام الشركات السعودي الجديد على ضرورة قيد الشركاء أو مديرو الشركة عقد تأسيس شركة التضامن السعودية لدى السجل التجاري، ويشهر السجل التجاري ما يلزم من بيانات أو وثائق وفق أحكام نظام الشركات الجديد واللوائح المعمول بها، كما أنه نتيجة لضرورة القيد في السجل التجاري، فإنه لا يجوز الإحتجاج على الغير بعقد تأسيس شركة التضامن في السعودية إلا بعد القيد لدى السجل التجاري، وإذا لم يُقيد بيان أو أكثر فيكون وحده غير نافذ في مواجهة الغير، وكذلك أنه بموجب المادة السادسة من النظام وبدءاً من الفقرة الثانية منها، فإن المؤسسون يقدمون طلب تأسيس شركة التضامن وقيدها إلى السجل التجاري مرافق به عقد تأسيسها والبيانات والوثائق اللازمة وفق شكلها النظامي، ويبت السجل التجاري وفق الفقرة الثالثة في طلب التأسيس المستوفي البيانات والوثائق اللازمة، كما أنه بموجب الفقرة الرابعة في حال رفض الطلب فيجب أن يكون الرفض مسبب، ويحق للمؤسسين التظلم أمام وزارة التجارة خلال ستين يوم من تاريخ إبلاغهم برفض طلب تأسيسهم لشركة التضامن، كما أنه أيضاً في حال رفض التظلم أو إذا لم يبتّ فيه خلال ثلاثين يوم من تاريخ تقديمه وفق الفقرة الخامسة، فإنه يحق للمؤسسين التظلم أمام الجهة القضائية المختصة.
فمثلما بين نظام الشركات السعودي الجديد الضوابط اللازمة لتأسيس شركة التضامن في السعودية، بين أيضاً الأثار النظامية المترتبة على هذا التأسيس، وهي على النحو التالي: -
بينت المادة التاسعة من نظام الشركات السعودي الجديد أن شركة التضامن في السعودية تكتسب الشخصية الإعتبارية بعد قيدها في السجل التجاري، وتلك الشخصية الإعتبارية تعني تمتع شركة التضامن في السعودية بحقوق وسلطات تختلف عن الشركاء فيها أو مؤسسيها، وبمعنى أخر يؤدي إكتساب الشخصية الإعتبارية للشركة بجعلها كيان له شخصية مستقلة وذمة مالية وتتحمل الإلتزامات المنسوبة إليها وحدها دون مؤسسيها، والجدير بالذكر أنه يكون لشركة التضامن في السعودية خلال مدة التأسيس شخصية إعتبارية بالقدر اللازم لتأسيسها شريطة إتمام عملية التأسيس، فإذا لم تستوف إجراءات تأسيس الشركة على النحو المبين نظامياً يكون الأشخاص الذين تعاملوا أو تصرفوا بإسم الشركة أو لحسابها مسؤولين شخصياً في جميع أموالهم وبالتضامن في مواجهة الغير عن الأفعال والتصرفات التي صدرت عنهم خلال مدة التأسيس.
أفادت المادة العاشرة من نظام الشركات السعودي الجديد بأنه يترتب أيضاً على قيد شركة التضامن السعودية لدى السجل التجاري والحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية حسب نوع غرضها، أحقيتها في مزاولة الغرض الذي تم تأسيسها لأجله.
أوجب المادة الثانية عشر من نظام الشركات السعودي الجديد، على شركة التضامن المؤسسة في السعودية بضرورة وضع إسم الشركة وشكلها وعنوان مركزها الرئيسي وبريدها الإلكتروني ورقم قيدها لدى السجل التجاري على العقود والمخالصات وغيرها من الوثائق التي تصدرها.