61 قراءة دقيقة
12 Dec
12Dec

يعد التستر التجاري ضمن الظواهر المنافية للأخلاق والقانون، حيث تشكل تهديدًا مباشرًا لسلامة البيئة الاستثمارية وتتسبب في إضعاف المنافسة الشريفة في الأسواق التجارية حول العالم.


ولقد تم إصدار نظام مكافحة التستر التجاري في المملكة العربية السعودية بهدف حماية حقوق المستهلكين وكشف الممارسات التجارية غير المشروعة، التي تستهدف تحقيق الأرباح بطرق ملتوية، وسوف نسلط الضوء فيما يلي على أبعاد هذه الظاهرة وأسبابها وآثارها على الاقتصاد الوطني وكيفية حماية نفسك منه.


ما هو التستر التجاري

التستر التجاري هو إجراء غير قانوني يتمثل في تمكين شخص غير سعودي من ممارسة نشاط تجاري أو مهني في المملكة العربية السعودية، بشكل مخالف للأنظمة واللوائح المعمول بها، من خلال استخدام اسم أو ترخيص أو سجل تجاري لشخص سعودي أو مستثمر أجنبي.


يعدُّ كل من المتستر عليه" الشخص غير السعودي"، والمتستر "الشخص السعودي أو المستثمر الأجنبي" مشاركين في هذه الجريمة المخالفة للقانون، والتي تعرّض مرتكبيها للعقوبات القانونية لما تسببه من تهديد للاقتصاد الوطني وتشويه المنافسة العادلة في السوق.




أسباب انتشار ظاهرة التستر التجاري

من الضروري أن نفهم الأسباب الكامنة وراء انتشار أنواع التستر التجاري، وهذا يجعلنا قادرين على التحكم في الأحداث وحل المشكلات وتجنب الأخطاء، وبالتالي ننتقل من مجرد مراقبة الظواهر إلى التفاعل معها بشكل فعال، وفيما يلي تفصيل لأهم الأسباب التي تساهم في انتشار ظاهرة التستر التجاري في السعودية:

1. الدافع الربحي، يجعل بعض التجار يتجاوزن حدود المنافسة المشروعة ويلجؤون إلى ممارسات غير قانونية مثل التستر التجاري بهدف تحقيق مكاسب مالية غير مشروعة من خلال تضليل المستهلكين بشأن طبيعة وخصائص المنتجات والخدمات المعروضة مما يضر بمصالحهم ويخل بمبدأ المنافسة الشريفة في السوق.

2. تشكل المنافسة الشديدة في الأسواق التجارية دافعًا قويًّا للشركات أو التجار إلى اللجوء إلى ممارسات غير مشروعة في سبيل الحفاظ على حصتهم السوقية والربحية، وقد تلجأ هذه الشركات إلى وسائل غير أخلاقية لتقويض المنافسين، بما في ذلك التظاهر بأنها شركات وطنية أو استغلال ثغرات في الأنظمة والقوانين.

3. يعد سوء تفسير القوانين واللوائح التجارية أحد الأسباب التي تدفع بعض التجار إلى ممارسة التستر التجاري، من خلال تحريف أو إخفاء معلومات عن منتجاتهم معتقدين أن ذلك يتوافق مع الأطر القانونية المعمول بها.

4. كذلك، تستغل بعض الشركات الثغرات الموجودة في أنظمة الرقابة على الأسواق لممارسة التستر التجاري، حيث تخلق هذه الثغرات بيئة مواتية لانتشار هذه الممارسات غير المشروعة.

5. وقد تشعر بعض الشركات -في ظل المنافسة الشديدة- بضغط كبير لإطلاق منتجات جديدة بسرعة أو تحسين خدماتها، وقد يدفعها هذا الضغط إلى اتخاذ قرارات متهورة مثل التستر على بعض المعلومات بهدف التفوق على المنافسين.


أنواع التستر التجاري

يتخذ التستر التجاري أشكالًا متعددة ومتنوعة، حيث يلجأ المتسترون إلى حيل متعددة للالتفاف على القوانين والأنظمة المعمول بها، ومن أبرز هذه الأشكال:


1. استئجار السجل التجاري

وهو قيام مواطن سعودي بتأجير سجله التجاري لشخص غير سعودي، بحيث يتولى الأجنبي إدارة وتشغيل المنشأة التجارية بشكل كامل مقابل حصول السعودي على مبلغ مالي دوري.


2.             التحكم في الحسابات البنكية

وتتمثل في قيام الأجنبي بالسيطرة الكاملة على حسابات المنشأة التجارية الخاصة بالمواطن السعودي، بما في ذلك إجراء عمليات الصرف والإيداع والتحويلات المالية، دون تدخل فعلي من صاحب السجل التجاري السعودي.


3.             التصرف في وثائق المنشأة

وذلك من خلال حيازة الأجنبي لوثائق المنشأة التجارية الهامة مثل العقود، وتوقيع السعودي على هذه الوثائق بشكل عام دون الاطلاع على تفاصيلها.


4.             الشراكة الوهمية

ومن أشكالها دخول مواطن سعودي في شركة مع أجنبي لا يحق له الاستثمار في المملكة، حيث يكون دور السعودي شكليًّا فقط، بينما يتحكم الأجنبي في إدارة وتشغيل المنشأة.


5.             تحويل الأرباح

ويتم من خلال إيداع أرباح المنشأة التجارية في حسابات بنكية خاصة بالأجنبي، بدلًا من حسابات المنشأة المسجلة، بهدف إخفاء حقيقة ملكية الأرباح.


6.             التصرف في الأرباح

حيث يقوم الأجنبي بتوزيع أرباح المنشأة التجارية دون أن يكون له الحق القانوني في ذلك، مما يشير إلى أنه هو المستفيد الحقيقي من الأرباح.


7.             استخدام السجل التجاري في عمليات أخرى

حيث يقوم الأجنبي باستخدام السجل التجاري السعودي في عمليات تجارية أخرى مثل الوساطة أو السمسرة، دون أن يكون له ترخيص بذلك.


أركان جريمة التستر التجاري

كما ذكرنا سابقًا، فإن التستر التجاري هو عملية احتيال اقتصادي يتم فيها استخدام هوية سعودية كواجهة لنشاط تجاري يملكه ويُدار من قبَل أجنبي، حيث تضر هذه الممارسات بالمنافسة الشريفة، وتؤدي إلى توزيع غير عادل للثروة، وتقوض جهود تنويع الاقتصاد السعودي.


تتمثل أركان جريمة التستر التجاري في ركنين أساسيين، هما: الركن المادي والركن المعنوي، وفيما يلي توضيح لكل منهما:

الركن المادي، هو سلوك متعمّد من قبل "المتستر" يتمثل في تمكين شخص غير سعودي من ممارسة نشاط تجاري محظور عليه، عن طريق استغلال أوراق ثبوتية أو تراخيص أو سجلات تجارية تعود للمتستر.


يتطلب تحقق الركن المادي توفر ثلاثة عناصر أساسية هي: 

1. التمكين، وهو الفعل الإيجابي الذي يؤدي إلى تمكين "المتستر عليه" من مزاولة النشاط التجاري.

2. ممارسة النشاط التجاري من قبل الأجنبي بناءً على هذا التمكين.

3. انتفاء الترخيص اللازم لممارسة هذا النشاط.


أما الركن المعنوي، فيتمثل في القصد الجنائي العام، الذي يتطلب من الفاعل أن يكون على علم بأن فعله يمثل جريمة التستر التجاري وأن يكون راغبًا في ارتكابها.




كيف يتم إثبات التستر التجاري بشكل قانوني؟

يتطلب إثبات جريمة التستر التجاري دلائل قوية وملموسة بسبب طبيعة هذا النوع من الجرائم والذي غالبًا ما يتم بأساليب خفية ومحكمة، حيث يتولى القضاء السعودي مهمة التحقيق في هذه الجرائم، ويستند في إثباتها إلى مجموعة من الأدلة والقرائن التي يمكن تلخيصها فيما يلي:

1. اعتراف أحد الطرفين بارتكاب جريمة التستر التجاري.

2. شهادة شهود العيان على وقائع تدل على التستر التجاري.

3. عدم وجود نظام محاسبي سليم، يتضمن ذلك غياب الفواتير النظامية وسجلات الحسابات الدقيقة.

4. غياب المالك السعودي المسجل لفترات طويلة عن منشأته دون وجود مبررات منطقية.

5. قيام الشخص الأجنبي "المتستر عليه" باتخاذ القرارات وإدارة جميع شؤون النشاط التجاري.

6. عدم تطابق الإيرادات المُحقّقة مع حجم النشاط التجاري وحجم الاستثمارات.

7. وجود وثيقة تمنح الأجنبي صلاحيات واسعة في إدارة النشاط التجاري، بما في ذلك التوقيع على العقود واتخاذ القرارات.

8. امتناع الأجنبي عن الاشتراك في التأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للزكاة، وهي من الالتزامات القانونية على كل من يعمل في المملكة.

9. عدم فتح حساب بنكي باسم النشاط التجاري، وقيام الأجنبي باستخدام حسابه الشخصي في المعاملات المالية.

10.                 توقيع الأجنبي على معظم العقود والشيكات والسندات ذات الصلة بالنشاط التجاري.


نلاحظ فيما سبق تنوع الأدلة التي يمكن الاعتماد عليها في إثبات التستر التجاري، بينما تتولى الجهات القضائية المختصة مهمة تقييم هذه الأدلة مع الأخذ في الاعتبار المعايير القانونية المعمول بها في المملكة.


عقوبة التستر التجاري في السعودية 

نص النظام السعودي على عقوبة التستر التجاري لأول مرة والتي تصل إلى السجن لفترة لا تتجاوز خمس سنوات أو بغرامة مالية لا تتجاوز 5 ملايين ريال أو بكلا العقوبتين معًا، مع حجز ومصادرة الأموال غير المشروعة.


هناك أيضًا عقوبات تبعية تتضمن حل المنشأة التي تم ارتكاب الجريمة من خلالها، وشطب السجل التجاري وإلغاء التراخيص والحظر من ممارسة النشاط التجاري وإبعاد المتستر عليه من المملكة.


يراعي القاضي عند تحديد العقوبة مجموعة من العوامل، أهمها: حجم النشاط التجاري الذي تم التستر عليه والعائد المادي الذي تم تحقيقه ومدة ممارسة هذا النشاط والآثار السلبية التي سببتها هذه الجريمة على الاقتصاد الوطني.


هل تشك في وجود جريمة التستر التجاري في عملك؟ لا تدع هذا الأمر يهدد استقرار أعمالك، يقدم لك مكتب سهل للمحاماة خدمات قانونية في مجال مكافحة التستر التجاري تحت إشراف نخبة من المحامين الخبراء يمتلكون الخبرة والمعرفة اللازمتين لمساعدتك في إثبات جرائم التستر، وتقديم الاستشارات اللازمة ومتابعتك في جميع الإجراءات القانونية.


تواصل معنا الآن لحجز موعد مناسب وتلبية متطلباتك القانونية على أفضل وجه ممكن وفقًا للمعايير المعتمدة على المستوى المحلي والعالمي.  


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.