تحتاج منازعات الاوراق المالية إلى جهة متخصصة للبت فيها على وجه السرعة، فكما أن سوق الأوراق المالية يعد بمثابة أحد أفضل الطرق لتنمية رؤوس أموال المستثمرين، إلا أنه ينبغي لهم التعرف على الجهة المختصة للبت في هذا النوع من المنازعات في المملكة العربية السعودية على وجه التحديد، وهذا ما سوف نوضحه بالتفصيل في السطور التالية.
يدرك الجميع أن نجاح السوق المالي في أي دولة يعتمد بشكل أساسي على تحقيق مستويات عالية من الشفافية والإصرار، تحت إشراف أجهزة رقابية مستقلة.
إن تنظيم سوق الاوراق المالية أمر ضروري للغاية لتشجيع المستثمرين المحليين والدوليين على الاستثمار في رؤوس أموالهم داخل السوق السعودية، وتقديم الضمان لهم بعدم حدوث أي تجاوزات وتحقيق العدالة الناجزة والشفافية.
وطبقًا لنظام السوق المالية في المملكة العربية السعودية، فإن لجنة الفصل في منازعات الاوراق المالية هي التي تختص بالبت في المنازعات التي تقع ضمن أحكام نظام السوق المالية.
وفيما يلي دليل مفصل حول التعريف بـ لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بالسعودية وأهدافها وأهم صلاحياتها وآلية تقديم الشكوى إليها، ومدى إمكانية استئناف القرارات الصادرة عنها وغير ذلك مما يتعلق بهذا المجال.
الاوراق المالية هي عقود مالية يتم استخدامها بهدف امتلاك حصص في مختلف المؤسسات، كما يمكن شراء هذه الأوراق أو بيعها في هيئة السوق المالية.
أما الأوراق التجارية، فهي الأداة التي تضمن استحقاق الديون على اختلاف أنواعها للمنشآت، ولا يمكن شرائها أو بيعها، ولكن يمكن نقل ملكيتها.
تتنوع الاوراق المالية وتنقسم إلى ما يلي:
تعد الأوراق المالية وسيلةً لكشف الحالة المالية والإدارية للمؤسسات، كذلك تكشف الحالة الاقتصادية للشركات العالمية الكبرى، حيث تتمثل وظيفتها الأساسية في تحويل الأموال من المنشآت التي لديها فائض من الأموال إلى المنشآت التي تعاني العجز في الأموال، وقد أصبحت سوق الاوراق المالية في الآونة الأخيرة أمرًا ضروريًّا في المعاملات الاقتصادية، ولها دورها في تشجيع التنمية الاقتصادية في الدول فهي تؤثر وتتأثر بكافة مجالات الأنشطة الاقتصادية وتساهم في تحقيق الموازنة بين قوى العرض والطلب.
تجذب أسواق الاوراق المالية رؤوس الأموال العاطلة، وتحولها إلى رأسمال فعال في الدورة الاقتصادية عبر الاستثمارات التي يقوم كل من الأفراد والشركات في الصكوك والأسهم والسندات التي يتم طرحها، فضلًا عن توفير موارد حقيقية لتمويل المشروعات من خلال طرح هذه الأسهم أو السندات.
مع التطور الذي يشهده قطاع التجارة، ظهرت الكثير من المستجدات في طرق الاستثمار والكسب، الأمر الذي جعل الحاجة ملحة إلى استحداث جهات تختص بالبت في النزاعات المتعلقة بالمال والتجارة، ومن بين هذه الجهات لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية.
تم إنشاء هذه اللجنة بموجب المادة الخامسة والعشرين من نظام السوق المالية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/30 وتاريخ 2-6-1424هـ، وتتكون من مستشارين متخصصين في فقه المعاملات والأسواق المالية والقضايا التجارية والأوراق المالية، ينظرون في الحقين العام والخاص.
وتنظر اللجنة في الدعاوى التالية:
يعد الاستثمار في الأوراق المالية من المجالات المستحدثة نسبيًّا في المنطقة العربية، وقد زادت أهميته في أواخر القرن العشرين، حيث يسهم بشكل كبير في انتعاش حركة التبادل التجاري.
وبما أن هذا الاستثمار يعدُّ ضمن العمليات بالغة التعقيد وقد تتعرض لنوع ما من المخاطر، ناهيك عن أن منازعات أسواق رأس المال كثيرة ومتعددة، سواء ما كان ينشب بين إدارة سوق المال والمستثمرين أو ما ينشب بين المستثمرين أنفسهم، فكان من الضروري إيجاد تنظيم قانوني فعال لهذا الاستثمار.
وبناءً على ذلك حدد المشرع السعودي جهةً معينةً للفصل في منازعات الأوراق المالية يكون لها كافة الصلاحيات الضرورية ذات الصلة بالتحقيق والفصل في الشكاوى أو الدعاوى المدنية والجزائية والإدارية.
ونتناول فيما يلي طبيعة القضايا التي تتم معالجتها في الامانة العامة للجان الفصل في منازعات الاوراق المالية حيث لوحظ أن أغلب الدعاوى كانت مدنية وهي التي تكون بين المستثمرين وبعضهم أو المستثمرين والأشخاص المرخص لهم، أما الدعاوى الأقل عددًا فهي من نوع الدعاوى الجزائية التي تكون ضد المخالفين لأحكام نظام السوق المالية، أو الدعاوى الإدارية التي تقام ضد هيئة السوق المالية.
نظرت لجنتي الفصل والاستئناف في منازعات الاوراق المالية إلى الدعاوى التي تم الفصل فيها منذ عام 1426 وحتى 1441، والقرارات الصادرة عنها -والتي تجاوزت الأربعة آلاف قرار قضائي- بهدف تحليلها واستخلاص المبادئ القضائية منها.
وتضمن هذا المشروع -وفقًا لما أشارت إليه أمانة اللجان- حصر جميع القرارات الصادرة خلال الفترة الزمنية 1426-1441، وترتيبها وأرشفتها وتصنيفها وفرزها وتوثيقها ووضع خطة محكمة شملت عددًا من المراحل على النحو التالي:
وقد أشارت الأمانة العامة للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية أن نشر مثل هذه المبادئ يساهم بشكل فعال في خدمة القضاء والحد من الإطالة في نظر القضايا واختصار الوقت والجهد على ناظر القضية، فضلًا عن الوصول إلى مستويات عالية من الكفاءة في إجراءات التقاضي لدى اللجان المختصة، الأمر الذي يضمن تحقيق قيم الشفافية والعدالة والاستقرار في السوق المالية.
يهدف نظام لجنة الفصل في منازعات الاوراق المالية إلى ما يلي:
وضحت لائحة إجراءات الفصل في منازعات الاوراق المالية عددًا من المفاهيم ذات الصلة والتي وردت في اللائحة على النحو التالي:
تتمثل أهم صلاحيات واختصاصات لجنة الفصل في منازعات الاوراق المالية فيما يلي:
لإيداع الدعوى لدى لجنة منازعات الأوراق المالية يُشترط ما يلي:
ويجوز أن يرافق الدعوى إخطار من الهيئة بجواز إيداعها لدى اللجنة قبل انقضاء الـ 90 يومًا، شرط أن تكون الدعوى في نفس موضوع الشكوى أمام الهيئة.
وعلى اللجنة أن تنظر في الدعوى خلال فترة لا تزيد على 14 يومًا من تاريخ إيداعها لدى الجنة.
يتعين على المدعي أن يقدم الدعوى إلى اللجنة بصحيفة يتم إيداعها لدى اللجنة من أصل وصور بعدد المدعى عليهم، على أن تشتمل صحيفة الدعوى على اسم المدعي كاملًا، وعنوانه ووسائل التواصل به، ورقم السجل المدنى أو ما يقوم مقامه في حال كان المدعي غير سعودي الجنسية، وكذلك اسم المدعى عليه كاملًا وعنوانه، بالإضافة إلى تاريخ تقديم الصحيفة وموضوع الدعوى وما يطلبه المدعي وأسانيده.
أما حول كيفية الإثبات في منازعات الاوراق المالية، فيمكن بكافة الوسائل والطرق بما في ذلك: تسجيلات الهاتف، البريد الإلكتروني، الفاكس، البيانات الصادرة من جهاز الكمبيوتر.
يمكن التقدم بالدعوى من خلال الحضور إلى مقر لجان الفصل في منازعات الأوراق المالية في مدينة الرياض، وتقديم صحيفة الدعوى ويمكن الحصول على نموذج صحيفة الدعوى بإحدى الطرق التالية:
يمكن بعد ذلك طباعة نموذج صحيفة الدعوى وتوقيعها، كما ينبغي أن تتوفر في الصحيفة البيانات التالية: الاسم الكامل للمدعي، وعنوانه، ووسيلة الاتصال به، ورقم الهوية الوطنية أو ما يقوم مقامها إذا كان المدعي غير سعودي والاسم الكامل لمن يمثله إن وجد، وعنوانه، الاسم الكامل للمدعى عليه، وعنوانه، تاريخ تقديم الصحيفة، موضوع الدعوى وينبغي أن تكون الدعوى في نفس موضوع الشكوى المُقدمة أمام الهيئة، وما يطلبه المدعي، مع تقديم الأسانيد المؤيدة.
حضور أو غياب المدعي
وفيما يتعلق بحضور أطراف الدعوى وغيابهم، فقد تقرر في الباب الخامس من لائحة إجراءات الفصل في منازعات الاوراق المالية ما يلي:
أن يحضر أطراف الدعوى أو من يمثلهم في الموعد المحدد لنظر الدعوى، وفي حال غياب المدعي عن جلسات النظر دون تقديم عذر مقبول من الدائرة، فإنه يجوز لها أن تفصل في الدعوى إذا كانت تصلح للفصل فيها أو شطبها إذا كانت لا تصلح للفصل فيها.
إذا تم شطب الدعوى، فإنه يحق للمدعي طلب السير فيها خلال 60 يومًا من تاريخ الشطب، وفي حال انقضت المدة دون أن يطلب المدعي السير فيها أو إذا لم يحضر أيضا بعد السير فيها تصبح الدعوى وكأنها لم تكن، ولا يتم النظر فيها بعد ذلك إلا بقيد جديد بناءً على ما نصت عليه اللائحة من إجراءات في هذا الشأن.
حضور أو غياب المدعى عليه
أما في حال غياب المدعى عليه، فتقوم الدائرة بتأجيل النظر في الدعوى إلى جلسة أخرى يتم إعلان المدعى عليه بها، وفي حال غيابه عن هذه الجلسة أيضا دون تقديم عذر مقبول لدى الدائرة، فإنها تفصل في الدعوى، ويكون قرارها في حق المدعى عليه غيابيا.
فإذا تم تبليغ المدعى عليه لشخصه أو وكيله الشرعي أو ممثله النظامي، أو قدم ردًّا أو حضر أيًّا من جلسات نظر الدعوى أو كان غيابه بعد إقفال باب المرافعة، فإن قرار الدائرة في هذه الحالة والصادر في حق المدعى عليه يكون حضوريًّا.
حضور أو غياب المتهم في الدعوى الجزائية
تنص لائحة الفصل في منازعات الاوراق المالية على أنه يتعين على المتهم في الدعوى الجزائية حضور جلسات النظر بنفسه أو بوكيل عنه، وفي حالة عدم حضوره أو حضور الوكيل عنه أعيد طلب حضوره لجلسة أخرى، فإذا لم يحضر أيضًا أو تعذر تبليغه فيجوز للدائرة أن تطلب من الجهات التنفيذية إحضاره في المواعيد المحددة وفي حالة عدم حضوره أو حضور الوكيل عنه فيكون للدائرة حق إصدار القرارات بما تراه مناسبًا سواء بالمنع من السفر أو التداول في السوق أو الحجز على حساباته أو أي من ممتلكاته.
ولها أن تنشر في الجريدة الرسمية أو أي من الصحف المحلية أو الموقع الإلكتروني الخاص بالأمانة إعلانًا بحضوره، وفي حالة عدم حضوره أو حضور وكيل عنه فللدائرة أن تصدر قرارًا غيابيًّا بحقه، ويعد القرار حضوريًّا بحق المتهم إذا حضر هو أو وكيله إحدى الجلسات أو قدم مذكرة بدفاعه.
وطبقًا للأحكام الواردة في الباب الخامس من هذه اللائحة، يعد غائبًا من لم يحضر خلال ثلاثين دقيقة من الميعاد المقرر لبدء الجلسة، ما لم تقرر الدائرة تمديد هذه المهلة.
يتم تبليغ أطراف الدعوى بمواعيد جلسات النظر والقرارات الصادرة من لجنة الفصل في منازعات الاوراق المالية إما بالتسليم المباشر في مقر أمانة اللجان أو عن طريق البريد العادي أو الإلكتروني أو الفاكس أو الاتصال الهاتفي المسجل أو بأي وسيلة أخرى من وسائل الاتصال المناسبة التي تراها اللجنة وتحقق من خلالها الهدف من التبليغ.
ينبغي على صاحب الشكوى أن يكون ملمًّا بكافة الخطوات والإجراءات اللازم اتباعها عند تقديم الشكوى فعدم وجود خلفية كافية في هذا الموضوع يمكن أن يهدر الكثير من الوقت والجهد والمال لجميع الأطراف المتعاملة.
كما أن فهم آلية تقديم الشكوى يساعد على فهم الحقوق والالتزامات ويسهل عملية الوصول إلى حلول عملية مناسبة.
ذكرنا سابقًا، أن هناك عددًا من الشروط الواجب توفرها في الشكوى المقدمة بشكل عام، من قبيل وضوح الشكوى وكتابتها ضد أشخاص طبيعيين أو اعتباريين على أن تتضمن طلبات أو اعتراضات محددة ومنطقية.
ينبغي أيضًا أن تتضمن الشكوى توقيع الشاكي وبياناته ووسائل التواصل معه وكذلك المشتكى عليه، وإرفاق المستندات المؤيدة للشكوى معها، وكذلك الخطوات التي قام بها الشاكي لحل مشكلته حتى تاريخ تقديم الشكوى.
تتمثل أهم المستندات الواجب تقديمها مع الشكوى في صورة من بطاقة الأحوال المدنية للشاكي وصورة من الوكالة الشرعية حال وجودها مع صورة من بطاقة الأحوال المدنية للوكيل الشرعي، فضلًا عن كافة المستندات المؤيدة للشكوى.
أما عن خطوات تقديم الشكوى فتتمثل فيما يلي
ويتم إثبات تسليم الشاكي لصحيفة الدعوى إما عبر استلام إيصال من أمانة لجان الفصل في منازعات الاوراق المالية يتضمن رقم قيد الوارد وتاريخه واسم المدعى والمدعى عليه، أو استلام رسالة نصية على رقم الهاتف الجوال المسجل في ملف الدعوى تتضمن بيانات الدعوى ورقم قيدها وتاريخه.
يمكن لأي طرف من أطراف الدعوى استئناف القرار الصادر من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية في حال عدم الاقتناع بالقرار، سواء كانت الدعوى مدنية أم إدارية أم جزائية، ويتولى النظر في هذا الاستئناف لجنة الاستئناف في منازعات الاوراق المالية والمكونة من ثلاث أعضاء يمثلون وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء، وتكون القرارات الصادرة عن لجنة الاستئناف نهائية.
جدير بالذكر، أنه ينبغي ألا تكون لأي من أعضاء لجنة الاستئناف علاقة مالية أو تجارية مع أطراف الدعوى المنظورة أمام لجنة الاستئناف سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وكذلك لا ينبغي أن تكون بينهم صلة قرابة حتى الدرجة الرابعة.
ويشترط أن يتم تقديم مذكرة الاستئناف خلال 30 يوما من تاريخ التبليغ بقرار لجنة الفصل في منازعات الاوراق المالية أو خلال 30 يومًا من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية في حال كان القرار الصادر غيابيا.
أما فيما يتعلق بالمتطلبات اللازمة لتقديم مذكرة الاستئناف، فينبغي أن تتضمن ما يلي:
كما ينبغي أن يحضر مقدم الاستئناف أو وكيله الشرعي أو من يمثله، وفي حالة وجود الوكيل الشرعي ينبغي تقديم أصل وصورة من الوكالة.
ويكون موقف لجنة الاستئناف من مذكرة الاستئناف المقدمة واحدا من ثلاث، إما رفض النظر في القرار الصادر من لجنة الفصل، أو تأكيده أو إعادة النظر في الشكوى من جديد، وذلك استنادا إلى المعلومات الثابتة في ملف الدعوى.
وفي حال عدم تحقق عملية التبليغ، فيجوز لرئيس الدائرة نشر إعلان بذلك في الجريدة الرسمية أو إحدى الصحف المحلية أو الموقع الإلكتروني للأمانة العامة.
ختامًا، فإن كافة القرارات السابق ذكرها فيما يتعلق بإجراءات الفصل في منازعات الاوراق المالية ما هي إلا تحقيق لعدد من الأهداف التي تساهم بشكل فعال في تطوير السوق المالية وتعزيز ثقة المشاركين فيه وحماية استثماراتهم.
لذا كان لزامًا على كل مستثمر يتعامل مع سوق الاوراق المالية أن تكون لديه الخلفية الكافية بنظام هذا السوق والذي يهدف المشرّع السعودي من خلاله إلى تحقيق العدالة والشفافية ومواكبة التطورات الراهنة في أسواق الاوراق المالية في الدول الأخرى وكذلك الإجراءات المتعلقة بالفصل في منازعات الاوراق المالية بهدف حماية استثماراته وحفظ حقوقه ومعرفة ما عليه من التزامات.