مع تطور الأعمال القانونية للشركات وكثرة الخلافات والصدامات القضائية والإشكالات القانونية ومع التحديثات المستمرة للأنظمة والقوانين في ظل سوق مضطرب تتداعى فيه الحقوق ويبحث المنافسين فيه عن الثغرات، فلم يعد هناك من شك للدور الهائل الذي يلعبه محامي الشركات في عالم الاستثمار والتجارة بحيث أن مهامه لا يُمكن حصرها أو إحصائها.
ولم يعد هناك شركة في سوق الأعمال إلا وتعتمد على محامي متميز أو فريق من المحامين أو المستشارين الخارجيين لإدارة أعمالها وتقديم الاستشارات القانونية لها، وبناء على هذا الدور كان حديث مقالنا في التعريف ببعض مهام محامي الشركات. وفيما يلي سنستعرض بعض تلك المهام:
هي من بدايات مهام محامي الشركات وعملية تأسيس وتسجيل الشركة تتم وفق نظام الشركات السعودي ، وتُعتبر كل شركة بعد تأسيسها وتسجيلها وفقًا لهذا القانون شخصًا اعتباريًا سعودياً مقرها الرئيسي في المملكة السعودية.
ويُعبر عقد تأسيس الشركة هو أخطر وأدق عقد لأنه هو الذي يحكم العلاقة بين الشركاء وحصة ونصيب كل شريك في الشركة، بالإضافة لطريقة إدارة الشركة والتفاصيل الختامية المتعلقة بالتصفية، ويضع محامي الشركات بنوداً في العقد تُعتبر هي المرجع الأول والأخير للعلاقة بين الشركاء، واسم الشركة وغرضها ومدتها ورأس مالها ومكان وطريقة إدارتها وحل الشركة وتسوية النزاعات وانعقاد جمعيتها العادية وغير العادية وغيرها من الأمور.
وفي عملية التأسيس يقوم محامي الشركات بتحديد نوع الشركة سواء شركة توصية بسيطة، أو شركة تضامن، أو شركة محاصة، أو شركة مساهمة، أو شركة مساهمة، أو شركة ذات مسؤولية محدودة، أو شركة تعاونية، أو شركة ذات رأس مال قابل للتغيير، وكذلك يتم تحديد نشاطها والاسم التجاري لها ورأسمالها.
وفي سبيل إتمام عملية تسجيل الشركة فإن محامي الشركات ينظم المستندات والوثائق التي تتطلبها إجراءات التسجيل، والجدير بالذكر أن بعض الوثائق تكون مشتركة كمتطلبات للتسجيل عند أغلب الشركات، كما أن هناك شركات تكون بحاجة إلى مستندات وإثباتات مختلفة.
وبحسب العادة فإن محامي الشركات لا يتوانى عن القيام ببعض الإجراءات مثل جلب بعض الموافقات والتراخيص من الجهات المعنية، وهي بحسب الأصل إجراءات شكلية ولكن بدون القيام بها لن تستطيع الشركة أن تقوم بعملها.
الاندماج هو فناء شركة أو أكثر أو شركتين أو أكثر في شركة قائمة وبموجب ذلك تنشأ شركة جديدة تنتقل إليها الذمم المالية للشركات التي فنيت.
وبمعنى آخر أي انضمام مؤسسة تجارية أو أكثر في منشأة أخرى ، أو امتزاج منشأتين تجاريتين أو أكثر بعقد بحيث تزول الشخصية المعنوية لكل منهما وذلك بناء على عقد يقوم محامي الشركات بإنجازه وتدقيقه وبناء على ذلك تزول الشخصية المعنوية للمنشأة المنضمة، وأما التزاماتها وحقوقها فتنتقل إلى المنشأة الضامة.
وأما الاستحواذ فهو تصرف قانوني به تتحقق سيطرة إما بشراء عدد من الأسهم، أو اتفاق يوثقه محامي الشركات يهدف لتكوين أغلبية تحكم الشركة وبنسبة مؤثرة تخولها من التحكم بكافة ما يتعلق بشركاتها الخاضعة لسيطرتها. والشركات العملاقة عندما تقوم بعمليات الاستحواذ فيكون هدفها غالباً التحكم في منتج معين أو بسط سيطرتها على الأسواق بالاستحواذ على الشركات الأصغر وبالأخص تلك التي تعمل في ذات المجال أو قد يكون الهدف الدخول إلى أسواق جديدة.
لا تقل عملية التفاوض التي يجريها محامي الشركات أهمية عن عملية كتابة العقود، بل التفاوض هو العملية الأولوية التي تسبق التعاقد وتحتاج بلا شك لإدارة قانونية صحيحة لعملية المفاوضات منذ بداية الاتصال بين طرفي التعاقد وحتى إتمام توقيع العقد النهائي. والهدف من عملية التفاوض التي يرئسها محامي الشركات هو التوصل لعقد يرضي طموحات الأطراف ويراعي متطلباتهم وتخوفاتهم فلا يترتب عليه بطلان أو إبطال فيما بعد بسبب عيوب الصياغة.
وكما أن الإدارة الصحيحة للمفاوضات التي يقوم بها محامي العقود يتفادى بها الوقوع في الغلط أو التدليس بحيث تتضح نيات الأطراف وتتبين كافة العوائق والمشاكل والعيوب الخفية ونقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف. ويُمكن إيجاز أهمية المفاوضات من الناحية القانونية فيما يلي :
فالمفاوضات هي مهارة حسن التوجيه والتخطيط القانوني لمحامي الشركات والتي بها تعزز الثقة المتبادلة، وتوضح نقاط المسؤولية والالتزامات المتبادلة وبها يتفادى الوقوع في الجهالة، كما أن المفاوضات وسيلة للحلول الودية بعيداً عن ساحات المحاكم.
التحكيم جهة للفصل في القضية، وهو قضاء غير مجاني وسري، يتفق الأطراف المتخاصمين على اختيار المحكمين والوقت لتحقيق العدالة الناجزة ويتفق أيضاً الأطراف على اختيار محل أو مكان التحكيم، ويمكن من خلال التحكيم اختيار أطراف من ذوي الخبرة بموضوع الخصومة التحكيمية لضمان حكم ناجز وعادل.
سواء أكان اللجوء إلى التحكيم بناء على شرط تحكيم أو مشارطة تحكيم فمحامي الشركات يكون لديه من الخبرة الكافية للتعامل مع مثل تلك القضايا نظراً لخوضه العديد من النزاعات التحكيمية التجارية، فمحامي الشركات هو الذي يعد اتفاق التحكيم الذي ينظم العملية التحكيمية بالكامل سواء أكان هذا الاتفاق في شكل شرط أو مشارطة.
يباشر محامي الشركات مهامه في التقاضي عن الشركة ولمصلحتها ضد النزاعات التي تثور بينها وبين الشركات الأخرى أو الجهات المختلفة أو حتى بينها وبين الموظفين والعمال، وذلك أمام المحاكم التجارية والمحاكم العمالية وفي مختلف المدن السعودية سواء في جدة أو مكة أو الرياض أو غيرها، وذلك في نزاعات الشركة ذات الصلة بالتعاقدات مع شركات أخرى، أو في قضايا الإفلاس، والغش التجاري، وفي قضايا الأوراق التجارية، والتوكيلات التجارية، وحقوق الملكية الفكرية للشركة كالأسماء التجارية والعلامات التجارية، فمحامي الشركات يعمل على جمع المستندات التي يُمكن أن تُساهم في دعم الموقف القانوني للشركة.
فمن مهام محامي الشركات المساهمة في تدقيق العقود بمختلف أنواعها بعد كتابتها وصياغتها بين الشركة وبين كافة المتعاملين معها من شركات ومؤسسات وأفراد، وذلك مثل عقود العمل وعقود الشراكة وعقود التمويل وعقود التسويق وعقود الملكية الفكرية، وغيرها من العقود. فيساهم في التأكد من توافق وتناسق بنود العقد مع نصوص الأنظمة في المملكة العربية السعودية، والاطمئنان لصحة الشروط المدونة في العقد مما سيعزز بدوره طوق الحماية للشركة من أي خسائر قد تترتب على تطبيق العقد مستقبلاً.
من مهام محامي الشركات المتابعة الدورية لموقف الشركة القانوني والشكاوي والإنذارات والقضايا المتعلقة بذلك حتى تتفادى الشركة الوقوع في أي شرك قانوني سواء من خصومها أو المنافسين لها في سوق العمل، كما أن المتابعة الدورية لتحديثات الأنظمة من قبل محامي الشركات في المملكة يؤثر في تقديم توصيات وتقارير قانونية تساهم في تقويم أداء الشركة.
ويقع على عبئ محامي الشركات العلم والمعرفة والدراية الكاملة والشاملة بأغلب القوانين مثل قانون الشركات وقانون العمل، وذلك لأنه هو من يُباشر التحقيق بالمخالفات المنسوبة للموظفين والعمال وتقرير العقوبات المتعلقة بذلك، كما يفصل في الشكاوى المقدمة منهم لحفظ حقوقهم، وللوفاء بالتزامات الشركة عنهم والتي أقرها لهم نظام العمل كما يفصل في الشكاوى المقدمة ضدهم، وذلك لحفظ سمعة الشركة وعدم تعريضها لتعويضات ضخمة نظير إهمالها حقوقها أو التزاماتها تجاه الغير.
في حال أن كنا هناك قراراً بتصفية الشركة فإن محامي الشركات يعمل على القيام بتقديم المستندات اللازمة للجهات المختصة ، ويُقصد بتصفية الشركة أي تسوية العلاقات التي تنشأ عن الشركة من حيث استيفاء حقوق الشركة وحصر موجوداتها ثم تسديد ديونها تمهيدًا لقسمتها بين الشركاء.
هناك أسباب خاصة وأسباب عامة فيما يتعلق بتصفية الشركة، وتصفية الشركة يُقصد بها انحلال الرابطة القانونية بين الشركاء في الشركة، ومن الأسباب العامة لانقضاء الشركة إذا نص على مدة محددة للشركة وانقضت المدة، أو إذا تحقق الهدف الذي من أجله أنشئت الشركة، أو إذا اتخذت الشركة قراراً اختيارياً بتصفية الشركة اختياريًا، أو إذا كانت الشركة لا تستطيع الاستمرار في أعمالها أو أن موجودات الشركة أصبحت قليلة أو أعلنت الشركة الإفلاس.
عمل محامي الشركات لا يقتصر على التقاضي وإنما يشمل تقديم الاستشارات القانونية لمدراء الشركة حينما يُطلب منه وذلك لتفادي الوقوع في مشاكل قانونية، فعمله يكون دوماً متابعة مستجدات القانون والتحديثات والأنظمة الجديدة وما يترتب على تعديل أي نظام له صلة بالشركة أو تأثير مباشر أو غير مباشر. لأن كنز المحامي ورأس ماله هو المعلومة فإن علمها وعمل بها حقها فقد فادى شركته تحمل الخسائر بل وأرجح كفتها في كسب القضايا إذا أفاد مدرائها بما يتوجب عليهم فعله في كل موقف قانوني مستجد وذلك لربح الوقت وتوفير المال والجهد،
لذلك فإنه لا نجد شركة ناجحة إلا بمحامي شركات يعرف كل شاردة وواردة عن الشركة ولا يتخذ مدرائها أي قرار إلا بالرجوع له واستشارته.