هناك الكثير من الأسباب التي ينتج عنها انقضاء الشركات، منها ما هو عام ومنها ما يتعلق بنوع بعينه من الشركات، ومن ثم يترتب على هذا الانقضاء قسمة أموالها بين الشركاء وتصفيتها بهدف حصولها على حقوقها والوفاء بديونها، فماذا يُقصد بمفهوم انقضاء الشركات وما هي أسبابه؟
والشركة في مفهومها العام وفقًا لنظام الشركات السعودي هي كيان قانوني يتم تأسيسه وفقًا لأحكام النظام يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر حيث يساهم كل منها في مشروع يستهدف الربح إما بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معًا واقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة، ويجوز تأسيس شركة لشخص واحد، كما يجوز تأسيس شركات غير ربحية.
وقد حدد نظام الشركات السعودي أنواع الشركات التي يمكن تأسيسها وفقًا لأحكام النظام على النحو التالي: شركة التضامن، شركة التوصية البسيطة، شركة المساهمة، شركة المساهمة المبسطة، الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
انقضاء الشركات، هو انتهاء مدتها أو حلها أو زوالها لأي سبب من الأسباب، أو هو حل الرابطة القانونية التي تجمع بين الشركاء في الشركة، وحل العلاقات فيما بينهم وبالتالي زوال شخصيتها الاعتبارية، سواء بشكل قانوني أو اتفاقي أو قضائي، وقد حدد نظام الشركات السعودي اسباب انقضاء الشركات ووضح ما كان منها عامًا يتعلق بالشركات على اختلاف أنواعها وأشكالها، وما كان خاصًا بكل شركة على حدة.
وتهدف وزارة التجارة والاستثمار السعودية وهيئة السوق المالية من تحديد هذه الأسباب والإجراءات المترتبة عليها إلى تحقيق التكامل والانسجام في تنفيذ أهداف نظام الشركات وحماية جميع المساهمين والمستثمرين.
جدير بالذكر أن انقضاء الشركة لا يعني حلها بمجرد توفر السبب أيًّا كانت طبيعة هذا السبب، بل تمر بمرحلة التصفية مع الاحتفاظ بشخصيتها بمعنوية لإتمام إجراءات التصفية، وقسمة ما تبقى بعد سداد ديون الشركة من الأموال بين الشركاء.
حدد نظام الشركات السعودي الجديد كل ما يتعلق بمفهوم الشركة وإجراءات تأسيسها وما يتعلق بها من أحكام انقضاء الشركات وغيرها، سعيا منها في تحقيق الكثير من الأهداف، ومنها على سبيل المثال:
ولا يقتصر الأمر على توضيح أحكام انقضاء الشركات فحسب، بل يتضمن كافة الأحكام ذات الصلة بالشركات من حيث تحديد التعريفات ذات الصلة والأحكام العامة، وما يتعلق بشركات التضامن، شركات التوصية البسيطة، والتوصية بالأسهم، شركات المساهمة، المساهمة البسيطة، الشركات ذات المسؤولية المحدودة، الشركات غير الربحية، الشركات المهنية، الشركات القابضة، الشركات الأجنبية وما يتعلق بتحوّل الشركات واندماجها وتقسيمها وتصفيتها وغير ذلك من الأحكام.
ولا يقتصر الأمر على توضيح أحكام انقضاء الشركات فحسب، بل يتضمن كافة الأحكام ذات الصلة بالشركات من حيث تحديد التعريفات ذات الصلة والأحكام العامة، وما يتعلق بشركات التضامن، شركات التوصية البسيطة، والتوصية بالأسهم، شركات المساهمة، المساهمة البسيطة، الشركات ذات المسؤولية المحدودة، الشركات غير الربحية، الشركات المهنية، الشركات القابضة، الشركات الأجنبية وما يتعلق بتحوّل الشركات واندماجها وتقسيمها وتصفيتها وغير ذلك من الأحكام.
كما ذكرنا سابقًا، تنقضي الشركات بإحدى الطرق التالية: الانقضَاء القانوني، أو القضائي، أو الاتفاقي، ولكل انقضاء أسبابه وحالاته الخاصة كما سيتضح لاحقًا.
للشركات دور فعال في ازدهار التجارة الداخلية والخارجية للدول حيث تستقطب رؤوس الأموال الضخمة للاستثمار وتساهم في تطوير التكنولوجيا في مختلف القطاعات، لذا لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال.
وقد يعرف الكثيرون آلية الدخول في شركة ومع ذلك لا تكون لديهم الخلفية الكافية حول الحالات التي يتم بموجبها انقضاء الشركات التجارية، وفيما يلي توضيح لهذه الحالات وفقًا لما ينص عليه نظام الشركات السعودي الجديد.
تنقضي الشركات بقوة القانون للأسباب التالية:
تتعلق الأسباب السابقة بحالات انقضاء الشركات التجارية بشكل عام، وفيما يلي تفصيلٌ لأسبابِ انقضاء الشركات كلٌّ على حسب نوعها.
هي الشركة التي يتم عقدها بين أشخاص طبيعيين يكونون فيها مسؤولين بشكل شخصي عن جميع أموالهم وبالتّضامن عن ديون الشركة والتزاماتها كما يكتسب فيها الشريك صفة التاجر، ولا يجوز الاتفاق على إعفاء الشركاء في شركة التضامن من مسؤوليتهم الشخصية والتضامنية.
تتمثل أهمية هذا النوع من الشركات في القدرة على زيادة عوائدها المالية بفضل ما يتمتع به شركاؤها من مهارات وخبرات وكفاءات عملية، فضلا عن سهولة إنشائها وعدم وجود الكثير من التعقيدات بها مقارنة بأنواع أخرى من الشركات.
وتنص المادة الخامسة والأربعون في نظام الشركات السعودي الجديد على ما يلي:
لا تنقضي شركة التضامن بوفاة أحد الشركاء حيث يترتب على ذلك جواز استمرار الشركة مع ورثة الشريك المتوفى أو من يرغب منهم، وذلك شرط موافقة جميع الشركاء وفي حال لم ينص عقد الشركة على غير ذلك.
أما في حال رفض جميع الشركاء أو أغلبيتهم إدخال الورثة كشركاء موصين، فيكون للورثة حق الحصول على نصيبهم في حصة مورثهم في رأس مال الشركة.
وقد يكون الورثة قصّرًا لا يمكنهم ممارسة أنشطة الشركة، وقد وافق جميع الشركاء أو أغلبيتهم على إدخالهم في الشركة، فلا يكونون مسؤولين عن ديون الشركة حال استمرارها إلا في حدود نصيب كل واحد منهم في حصة مورثهم في رأس مال الشركة، مع ضرورة تحويل الشركة في هذه الحالة إلى شركة توصية بسيطة، ومع بلوغ القُصَّر سن الرشد يمكن تحويل الشركة إلى شركة تضامن مرة أخرى بموافقة جميع الشركاء أو أغلبيتهم.
لا تنقضي شركة التضامن أيضًا -وفقا لنظام الشركات السعودي الجديد- في حال انسحاب أحد من الشركاء أو الحجر عليه أو إخراجه أو إفلاسه ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على غير ذلك.
وفي حال خروج الشريك وبقي شريك واحد في الشركة، فإنها تستمر فترة لا تتجاوز الـ 90 يوما حتى إدخال شريك آخر، أو تحويلها إلى شكل آخر من أشكال الشركات المنصوص عليها في النظام.
تتكون شركة التوصية البسيطة من فريقين من الشركاء، يضم أحدهما شريكًا يكون مسؤولًا شخصيًّا في جميع أمواله وبالتّضامن عن ديون الشركة والتزاماتها، ويضم الفريق الآخر شريكًا موصيًّا يكون مسؤولًا عن ديون الشركة والتزاماتها في حدود حصته في رأس مال الشركة، فضلًا عن أنه لا يكتسب صفة التاجر.
يتميز هذا النوع من الشركات ببساطة وسهولة إجراءاتها، فضلًا عن أن الشركاء الموصون فيها لا يتحملون مسؤولية الشركة ومخاطرها، ويتمتعون بإدارة تتسم بالمرونة، حيث يعمل الشركاء المتضامنون فيها دون تفويض رسمي الأمر الذي يمكنهم من أداء مهامهم وإنجازها بشكل سريع، واتخاذ أفضل القرارات التي تساهم في نجاح الشركة وتطورها.
وتتمثل أهم أسباب انقضاء شركة التوصية البسيطة فيما يلي:
أسباب انقضاء الشركات- شركة المساهمة
عرّف نظام الشركات السعودي شركة المساهمة بأنها الشركة التي يتم تقسيم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول، وتكون مسؤولة وحدها عن الديون والالتزامات المترتبة على ممارسة نشاطها.
تتخذ شركة المساهمة في المملكة العربية السعودية أشكالًا عديدة على النحو التالي:
أما فيما يتعلق بأسباب انقضاء الشركات- شركة المساهمة، فهي على النحو التالي:
تعد الشركات ذات المسؤولية المحدودة من أهم أنواع الشركات التي تساعد على نمو الاقتصاد السعودي، حيث تجمع بين مميزات كل من الشركات الشخصية وشركات الأموال، فضلًا عن سهولة إجراءات تأسيسها وما تتسم به من إدارة مرنة مقارنة بأنواع الشركات الأخرى.
وقد عرف نظام الشركات السعودي الشركة ذات المسؤولية المحدودة بأنها الشركة التي لا يزيد عدد الشركاء فيها على خمسين شريكا ولا يقل عن شريكين، وأن الذمة المالية للشركة تكون مستقلة تمامًا عن الذمة المالية لكل شريك فيها والشركة هي وحدها المسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها ولا يُسأل عن هذه الديون مالكها أو الشركاء فيها.
وتتمثل أهم اسباب انقضاء الشركات ذات المسؤولية المحدودة فيما يلي:
من آثار انقضاء الشركة تصفيتهَا، ويُقصد بها الإجراءات التي تؤدي إلى إنهاء نشاط الشركة، وسداد ما عليها من ديون قبل قسمة أموال الشركة، وتتم أعمال التصفية بعد تحويل كافة أصول الشركة إلى نقود سائلة، حتى يتم تعيين حقوق الشركاء في صافي أموال الشركة بعد سداد مديونياتها.
وفي حال عدم كفاية أموال الشركة لسداد ما عليها من ديون والتزامات، فإنه يتعين على الشركاء القيام بدفعها كل حسب مسؤوليته أو بناءً على ما تم الاتفاق عليه في العقد، كما ينبغي تعيين مصفي للشركة يقوم بجميع أعمال التصفية وتنفيذ الإجراءات القانونية المطلوبة للتصفية وفقا للنظام السعودي، ويكون ممثلًا قانونيًّا للشركة أثناء مرحلة تصفيتها.
جدير بالذكر، أن انقضاء الشركة يوجب دخولها دور التصفية مع احتفاظها بشخصيتها الاعتبارية، كما أن سلطة مديريها ومسؤوليها تنتهي عند حل الشركة، ولكنهم ما يزالون قائمين على الإدارة، ويبقى غيرهم في حكم المصفين حتى يتم تعيين مصفي أو أكثر لتصفية الشركة.
ووفقًا للنظام السعودي، تكون تصفية الشركات على أنواع بناءً على مدى قدرة الشركة على سداد ديونها، وهي على النحو التالي:
المصفي هو وكيل عن الشركة يتم تعيينه لإنهاء إجراءات تصفيتها، ولا يجوز له القيام بأعمال غير التصفية، كما يجب عليه إنهاء هذه الأعمال في الفترة الزمنية التي تم تحديدها في عقد تعيينه، وفي حال عدم تحديد مدة إنهاء التصفية، فإنه يجوز لكل شريك أو مساهم في الشركة أن يرفع الأمر للمحكمة المختصة لتعيين المدة التي يجب الانتهاء فيها من أعمال التصفية.
وفي حال انتهاء أعمال التصفية يتم فسخ عقد الشركة وانتهاء شخصيتها المعنوية وانتقالها إلى مرحلة القسمة، حيث يصبح صافي الأموال الخاصة بالشركة ملكا لجميع الشركاء وفقا لحصص كل منهم في رأس مال الشركة.
وأيًّا كان نوع تصفية الشركة، فإن المسؤولين عنها يحتاجون إلى التعاون مع محامين محترفين في هذا المجال يمكنهم تقديم المشورة اللازمة والمساعدة في اتخاذ القرارات المناسبة وتنفيذ الإجراءات القانونية المطلوبة بشكل صحيح.
أما المرحلة التي تتبع التصفية فهي قسمة أموال الشركة وهي المرحلة التي يتم فيها إنهاء العلاقة بين الشركاء، وتتم القسمة وفقا للطريقة التي نص عليها عقد تأسيس الشركة.
إجراءات ما بعد انقضاء الشركات
حدد نظام الشركات السعودي عددًا من الإجراءات التي تتم بموجبها تصفية الشركة وتسوية كافة حقوقها والتزاماتها ومن ثم تقسيم ما تبقى من الأموال على الشركاء، وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي:
أما ما يتعين على المصفي بعد الانتهاء من إجراءات التصفية فيتمثل فيما يلي:
فيما يلي بعض ما نص عليه القانون السعودي للشركات فيما يتعلق بـ انقضاء الشركات التجارية وتصفيتها:
كما ذكرنا سابقًا، فإن من آثار انقضاء الشركات تصفيتها إما بشكل طوعي أو إجباري، وبما أن إجراءات التصفية تتصف ببعض الصعوبة وتتطلب المزيد من الحكمة والخبرة في معالجة مثل هذه الأمور.
لذا ينبغي تعيين محامي خبير ومتخصص في قضايا الشركات على اختلاف أنواعها، تكون لديه الخلفية الكافية عن أسباب انقضاء الشركة وما يتبعها من إجراءات التصفية وتسوية كافة الديون والالتزامات والحقوق وتقسيم ما تبقى من أموال الشركة وفقا لما نص عليه النظام السعودي للشركات.
يتحمل المحامي مسؤولية القيام بكافة الإجراءات ذات الصلة بالتصفية، ويقدم المشورة القانونية المناسبة للشركاء، ويساعدهم على تجنب الوقوع في مشكلات مع الدائنين.
يساعدك المحامي على فهم وتبسيط القوانين التي تنطبق على وضع الشركة أيا كان نوعها، واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، وتجنب الأخطاء التي قد تضر بسمعة الشركة، وتقديم خيارات متنوعة التي تمكن الشركاء من تسوية النزاعات بطريقة بسيطة، فهناك العديد من المواقف التي تتطلب من مسؤولي الشركة أن يكونوا على دراية بالقوانين والأنظمة التي تساهم في حماية الشركة وعدم الإضرار بسمعتها.
ختاما، لا يغفل أحد عن دور الشركات على اختلاف أشكالها وأحجامها وطبيعة نشاطها في تحقيق التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية -والتي يقصد بها تطوير المجتمعات في مختلف المجالات من خلال تلبية احتياجاتهم دون المساس بحق الأجيال القادمة في تلبية احتياجاتها الخاصة- وذلك من خلال تشكيل القاعدة الاجتماعية للمجتمع وإمدادهِ بالمنتجات والخدمات وتوفير فرص العمل ونقل التكنولوجيا المتطورة وتعزيز مصادر الدخل، خاصة إذا كانت هذه الشركات تمتلك من الأدوات القانونية والإدارية والمادية ما يمكنها من مزاولة نشاطها بكفاءة.
وتعد الشركات من العناصر التي تساهم بفاعلية في التنمية الاقتصادية للبلاد في حال كانت ذات بنية اجتماعية واقتصادية وقانونية قوية، وهذا هو ما تسعى إلى تحقيقه وزارة التجارة السعودية من خلال ما نصت عليه من مواد وقوانين في نظام الشركات الجديد.
إن العمل على تأسيس الشركات أيًّا كان نوعها في المملكة العربية السعودية هو أمر ضروري لتنمية القطاع التجاري والاقتصادي للمملكة، شرط أن يكون المؤسس للشركة لديه الخلفية الكافية حول أنواع الشركات وإجراءات وشروط تأسيسها وأسباب انقضاء الشركات في النظام السعودي والتي ينتج عنها توقف استثماراته، وكما سبق وأن وضحنا فهناك أسباب عامة يتم تطبيقها على كافة الشركات على اختلاف أنواعها، وهناك أسباب يتم تطبيقها على شركات بعينها.