تحرص المملكة أيضاً على تجاوز التحديات التي تواجه تأسيس المشروعات التي تقام على أرضها، سواء كانت تلك المشروعات صناعية أو تجارية أو مهنية أو خدمية أو زراعية، حيث تضع المملكة الأدوات التشريعية التي من خلالها يتم تجاوز تلك التحديات التي تواجه المشروعات عند بدايتها، ومن تلك الأدوات التشريعية ما يسمى بالتأجير التمويلي، فبعض المشروعات التي تقام على أراضي المملكة العربية السعودية يمكن أن تعاني في بدايتها من مشاكل تمويلية، حيث يلتمس مؤسسي تلك المشروعات أي وسيلة يمكنها أن تخفف عليهم أعباء تلك المشاكل التمويلية، وهنا جاء دور التأجير التمويلي في السعودية، حيث جاءت المملكة بتلك الأداة التشريعية الفعالة لتضمن أهم جزء في مشروع التمويل بشكل عام، فمن ناحية تمكن المشروع من الحصول على كافة ما يحتاجه من معدات أو حتى أصول رأسمالية، وفى ذات الوقت تقلل من الإضطرار لأداء كامل التكلفة أو حتى أداء مقدمة كبيرة من كامل التكلفة، بحيث يكون الأمر متوقف على أداء قيمة أجرة مستحقة عن كل فترة، ومن جانب أخر يحفظ التأجير التمويلي للممول أو ما يسمى بالمؤجر كافة حقوقه كالإعتراف له بحق ملكيته على المعدات التي يستخدمها المشروع حال إمتنع عن أداء الأجرة المتفق عليها، هذا بالإضافة إلى أن التأجير التمويلي في السعودية له العديد من المزايا الهامة، مثل تسريع إقامة المشروعات في المملكة، وكذلك تعجيل تنفيذ الكثير من المشروعات الصناعية الإنتاجية، كما أن التأجير التمويلي يعمل على الحد من أثار موجات التضخم التي تتعرض لها المشروعات الجديدة وحتى المشروعات الراغبة في التوسع، هذا بالإضافة إلى أهم ما يميز التأجير التمويلي في السعودية وهو دفع عجلة التنمية الإقتصادية، وعلى أثر أهمية تلك الأداة الإقتصادية المتمثلة في نشاط التأجير التمويلي في السعودية سوف نقوم بعرض كافة النقاط الهامة بهذا النوع من التمويل في ظل نظام التأجير التمويلي السعودي ولائحته التنفيذية بصورة ميسرة تضمن المعرفة الشاملة.
يتم الإتفاق على التأجير التمويلي في المملكة العربية السعودية بموجب عقد، ويكون وفق المادة الثانية من نظام التأجير التمويلي السعودي، عقد الإيجار التمويلي كل عقد يقوم المؤجر وهو الشركة المساهمة المرخص لها بمزاولة الإيجار التمويلي، فيه بإيجار أصول ثابتة أو منقولة، أو منافع، أو خدمات، أو حقوق معنوية بصفته ماك لها، أو لمنفعتها، أو قادر على تملكها، أو قادر على إقامتها، وذلك إذا كان حصو المؤجر عليها لأجل تأجيرها على الغير على سبيل الإحتراف، ويعد نشاط الإيجار التمويلي إحترافي وفق المادة الثانية من لائحة نظام التأجير التمويلي شريطة توافر حصول المؤجر على الأصل المؤجر، كالعقار والمنقول والمنافع والخدمات والحقوق المعنوية كحقوق الملكية الفكرية لأجل تأجيره للغير إيجاراً تمويلياً، وأن يزيد حجم الإيجار التمويلي على الحد الذى يقرره البنك المركزي السعودي.
والجدير بالذكر أنه يجوز بموجب الفقرة الثانية من المادة الثانية من نظام التأجير التمويلي السعودي، إنتقال ملكية الأصول المؤجرة للمستأجر الذي يملك فقط منفعة الأصل المؤجر، إما بشرط يعلق التملك على سداد دفعات العقد، أو سدادها مع مبلغ محدد، أو بوعد بالبيع بثمن رمزي، أو بثمن يتفق عليه في العقد، أو بقيمة الأصل وقت إبرام عقد البيع أو بالهبة.
أوجبت المادة الثالثة من نظام التأجير التمويلي السعودي بتحرير عقد الإيجار التمويلي بين المؤجر والمستأجر بصورة كتابية أو إلكترونية، كما يجب أيضاً أن يتضمن عقد الإيجار التمويلي في السعودية على كافة البيانات المتعلقة بالمتعاقدين، والأصل المؤجر، وحالة الأصل المؤجر، والأجرة المتفق عليها وآجال سدادها، ومدة العقد، وشروط العقد.
كما يجب أيضاً تسجيل عقد الإيجار التمويلي في سجل العقود الذي يكون عبارة عن شركة مساهمة أو أكثر يؤسسها المؤجرون في المملكة العربية السعودية بعد موافقة البنك المركزي السعودي، بإتباع أفضل الممارسات وأحدث الوسائل.
هذا بجانب أنه في حال كان الأصل المؤجر مما يحتاج إلى كشف من المؤجر، فإنه وفق المادة الخامسة من لائحة نظام التأجير التمويلي السعودي يجب أن ينص في العقد أو في أحد ملحقاته على وسيلة هذا الكشف وموعده ومدته، شريطة ألا يلحق هذا الكشف ضرراً للمستأجر أو يقيد من إنتفاعه بالأصل المؤجر.
ولعل من المهم أن نؤكد على أنه إذا كان للمستأجر حق التملك أو الوعد به، فإنه يجب وفق المادة التاسعة من لائحة نظام التأجير التمويلي السعودي، أن يتضمن العقد جدول للسداد يحدد قيمة أجرة الأصل وقيمة حق التملك منفصلين، على ألا يقل القسط لأية مدة من مدد العقد عن أجرة الأصل لتلك المدة.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا فسخ العقد أو انفسخ أثناء مدة الإجارة برضا الطرفين أو بأحكام العقد أو النظام، فللمستأجر بموجب الفقرة الثانية من ذات المادة السابقة، أن يسترد قيمة حق التملك للفترة التي دفعها، ويكون للمؤجر التعويض التأميني حال وجوده.
قبل سرد كافة الإلتزامات التي تقع على عاتق المستأجر بناء على عقد الإيجار التمويلي في السعودية، تجدر الإشارة إلى أنه بموجب المادة الرابعة من نظام التأجير التمويلي السعودي يجوز للمستأجر قبل إبرام العقد أن يقوم بتحديد أوصاف الأصل المراد إستئجاره مع المورد أو المنتج أو المقاول، ويكون المستأجر بهذا التحديد مسؤول عما يترتب على تحديده لأوصاف الأصل، أما إذا حُددت الأوصاف بناء على موافقة من المؤجر، فتكون تلك الأوصاف المحددة ملزمة له في حدود موافقته فقط، وفى حال فوض المؤجر المستأجر كتابة بموجب المادة الخامسة من نظام التأجير التمويلي السعودي بتسلم الأصل المؤجر مباشرة من المورد أو المنتج أو المقاول، فإن المستأجر يكون مسؤول تجاه المؤجر عن أي بيان عن الأصل أثبت في محضر التسلم الموقع، وإذا إمتنع المورد أو المقاول أو المنتج عن توقيع المحضر، فيحق للمستأجر رفض التسلم.
وبالنسبة للإلتزامات التي تقع على المستأجر بعد تحرير عقد الإيجار التمويلي مع المؤجر في السعودية، فإنه يكون ملتزم وفق المادة السادسة من نظام التأجير التمويلي السعودي بأداء دفعات الأجرة المتفق عليها في المواعيد المحددة في العقد، حتى ولو لم ينتفع المستأجر بالأصل المؤجر، إلا إذا كان سبب عدم الإنتفاع يرجع للمؤجر، ويجوز الإشتراط في العقد على تقديم حلول دفعات أجرة مستقبلية، يدفعها المستأجر في حال تأخر عن السداد، شريطة ألا تتجاوز عدد الدفعات التي تأخر عن سدادها، كما يجوز أيضاً تعجيل جزء من الأجرة، ويتم رد المعجل من الأجرة حال تعذر تسليم الأصل أو الإنتفاع به بسبب لا يعود للمستأجر.
كما يكون المستأجر ملتزم أيضاً وفق المادة السابعة من نظام التأجير التمويلي السعودي، بإستعمال الأصل المؤجر في الأغراض المتفق عليها في حدود الإستعمال المعتاد، ويكون المستأجر مسؤول عن القيام بأعمال الصيانة التشغيلية على نفقته وفق الأصول الفنية المتبعة، وكذلك يلتزم المستأجر أيضاً بإشعار المؤجر على عنوانه بما يطرأ على الأصل المؤجر من عوارض تمنع الإنتفاع به كلياً أو جزئياً فور حدوثها، ويكون هذا الإشعار وفق المادة السادسة من لائحة نظام التأجير التمويلي برسالة ورقية أو إلكترونية أو عن طريق بيانات الإتصال الواردة في العقد، كما أنه يجوز للمستأجر إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الأصل المؤجر والإنتفاع الكامل به على نفقة المؤجر خصماً من دفعات الأجرة اللاحقة، إذا لم يقم المؤجر بإزالة ما يمنع المستأجر من الإنتفاع بالأصل المؤجر كلياً أو جزئياً خلال المدة المحددة في العقد.
هذا بالإضافة إلى أن المستأجر لا يجوز له بموجب المادة الثامنة من نظام التأجير التمويلي السعودي، إجراء أي تغيير أو تعديل في الأصل المؤجر دون الحصول على موافقة محررة من المؤجر تتضمن طبيعة التغيير والتعديل ونطاقه والمسؤول عن كلفته، وكذلك أيضاً يكون المستأجر وفق المادة التاسعة من ذات النظام متحمل قيمة هلاك الأصل المؤجر إذا كان الهلاك يتعد أو يفرط منه بإستثناء ما يغيطه التأمين.
وتجدر الإشارة إلى أن المستأجر يكون بموجب المادة الحادية عشرة من نظام التأجير التمويلي السعودي والمادة الثالثة من لائحته التنفيذية، ملزم بالحصول على موافقة المؤجر الكتابية عند تنازله عن عقد الإيجار التمويلي لمستأجر أخر، هذا بالإضافة إلى أن المستأجر يتحمل كامل المسؤولية عن الأضرار الناتجة من استخدامه للأصل المؤجر، وذلك وفق المادة الرابعة عشرة من نظام التأجير التمويلي السعودي.
كما أنه إذا كان إقتناء محل العقد أو تشغيله أو تسييره يستلزم رخصة، فإن المستأجر وفق المادة الثالثة عشرة من نظام التأجير التمويلي السعودي هو المسؤول عن التقدم للجهة المختصة بطلب تلك الرخصة، هذا بجانب تحمله لجميع الرسوم النظامية للحصول على تلك الرخصة وتجديدها ما لم يجود إتفاق بغير ذلك.
وكذلك لا يجوز للمستأجر بموجب المادة السادسة عشرة من نظام التأجير التمويلي السعودي أن يقوم بترتيب حقوق على ملكية الأصل المؤجر أو رهنه لطرف ثالث دون الحصول على موافقة المؤجر الكتابية.
بالنسبة لحقوق وإلتزامات المؤجر في عقد التأجير التمويلي في السعودية يمكننا البدء بما نصت عليه المادة الخامسة من نظام التأجير التمويلي السعودي، بحيث إذا فوض المؤجر المستأجر كتابة بتسلم الأصل المؤجر مباشرة من المورد أو المنتج أو المقاول وفق الشروط والأوصاف المحددة في العقد، فإنه يجب أن يكون التسليم بموجب محضر يثبت فيه حالة الأصل المؤجر.
ويكون المؤجر ملزم بموجب الجزء الثاني من الفقرة الأولى من المادة السابعة من نظام التأجير التمويلي السعودي بإجراء الصيانة الأساسية للأصل المؤجر ما لم يتفق الطرفان على إلتزام المستأجر بها، ويكون حينئذ فيما ينشأ عن إستخدام المستأجر للأصل دون ما يكون ناشئاً من خلل أو عيب في الأصل المؤجر.
ومن ناحية أخرى يحق للمؤجر بموجب المادة الرابعة من لائحة نظام التأجير التمويلي السعودي، أن يتنازل عن حقوق المترتبة على العقد دون موافقة المستأجر ولكن بمراعاة، عدم ترتيب ضرر للمستأجر، وأن يسرى التنازل من تاريخ قيده في سجل العقود، وألا يعفى المؤجر من إلتزاماته المترتبة على العقد، كما أنه إذا نشأ عن التنازل تغيير في جهة تسلم الأجرة، فإن هذا التغيير يسري في حق المستأجر من تاريخ إبلاغه به.
والجدير بالذكر أن المؤجر وفق المادة التاسعة من نظام التأجير التمويلي السعودي يتحمل تبعة الهلاك إذا كان بسببه أو بقوة قاهرة، هذا بجانب تحمل المؤجر للتأمين التعاوني على الأصل المؤجر، ولا يجوز إشتراطه على المستأجر، كما أنه أيضاً في حال إصدار أوراق مالية مقابل حقوق المؤجر، فإن المؤجر وفق المادة العاشرة من نظام التأجير التمويلي السعودي والمادة السابعة من لائحته التنفيذية ملتزم بالإفصاح الفوري للبنك المركزي السعودي بكل المخاطر الفنية أو التجارية أو القانونية بالعقد أو بالأصل المؤجر أو بعملية إصدار الأوراق المالية مقابل حقوق المؤجر على وجه العموم، كما يستمر هذا الإلتزام في حل إصدار المؤجر إوراق مالية بجميع المتطلبات الإشرافية ذات الصلة.
ويجوز أيضاً للمؤجر بموجب المادة الثامنة من لائحة نظام التأجير التمويلي السعودي أو من ينيبه، أن يقوم بإستخراج الرخصة التي يكون المستأجر ملزم بإستخراجها وفق المادة الثالثة عشرة من النظام، إذا كان الحصول عليها شرط لإبرام العقد، كما يجب في هذه الحالة أن تكون الرخصة متضمنة إسم المستأجر حائز الأصل المؤجر.
كما أنه إذا باع المؤجر الأصل المؤجر للغير فإن ملكية الأصل تنتقل بموجب المادة الخامسة عشرة من نظام التأجير التمويلي السعودي محملة بالعقد، وإذا كان الأصل المؤجر منقول فإنه وفق المادة السابعة عشرة من ذات النظام يتم الإحتفاظ بتلك الصفة ولو ثبت أو ألحق بعقار.