صدر مؤخراً أحدث الأنظمة التشريعية الهامة في المملكة العربية السعودية وهو نظام المعاملات المدنية، والذي يعد ضمن الأنظمة المتخصصة التي أعلن عنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، والجدير بالذكر أن هذا النظام تضمن على العديد من الأحكام والضوابط المنظمة للالتزام من حيث بيان مصادره وأثاره، وأيضاً توضيح الأحكام المتعلقة بالملكية، هذا بالإضافة لاشتماله على الأحكام المنظمة للعديد من أنواع العقود الهامة مثل عقد البيع والايجار وغيرها من العقود التي لا غنى عنها داخل المجتمع السعودي، وفي هذا المقال تحديداً سوف نسلط الأضواء ونستكشف سوياً أنواع العقود التي اشتمالها نظام المعاملات المدنية.
عقد البيع هو عقد يُمَلك بمقتضاه البائع المبيع للمشتري مقابل ثمن نقدي، ولقد ناقش النظام أهم الضوابط الواجب مراعاتها في المبيع والثمن، فأوجب أن يكون المبيع معلوماً للمشتري برؤيته أو ببيان صفاته المميزة له، كما إذا تضمّن عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع فلا حق له في طلب إبطال العقد لعدم العلم إلا إذا أثبت تغرير البائع به.
وإذا كان البيع بالعينة وجَب أن يكون المبيع مطابقاً لها، وإذا فُقدت العينة أو تلفت في يد أحد المتعاقدين ولو من غير خطأ منه، واختلفا في مطابقة المبيع للعينة، فالقول للمتعاقد الآخر، ما لم يُثبت من فُقدت أو تلفت العيّنة في يده عكس ذلك.
ويجوز البيع بشرط التجربة خلال مدة معينة، وإذا لم يعين المتبايعان المدة حملت على المدة المعتادة للتجربة، وعلى البائع تمكين المشتري منها، وللمشتري فسخ البيع ولو لم يجرب المبيع بشرط إعلام البائع بالفسخ خلال مدة التجربة.
وإذا أسقط المشتري حقه في الفسخ صراحةً أو ضمناً، أو تجاوز في استعمال المبيع حد التجربة، أو هلك المبيع أو تلف بفعل المشتري أو بعد تسلمه، أو مضت المدة المتفق عليها دون فسخ مع تمكنه من التجربة، لزم البيع بالثّمن المتفق عليه مستنداً إلى وقت انعقاده.
وأيضاً تجدر الإشارة إلى أنه إذا حدد الثمن بناءً على رأس مال البائع في المبيع مرابحة أو وضيعة أو تولية، وجب عليه أن يبين كل ما له تأثير في رأس ماله، وللمشتري طلب إبطال العقد إذا كتم البائع أمراً ذا تأثير في رأس المال، وإذا لم يكن رأس المال محدداً عند العقد وتبين في الثمن غبن للمشتري جاز له طلب إبطال العقد، وللبائع توقي الإبطال إذا قدم ما تراه المحكمة كافياً لرفع الغبن.
كما أنه يُستحق الثمن في البيع معجلاً ما لم يُوجد اتفاق على أن يكون مؤجلاً أو مقسطاً لأجل معلوم، وإذا كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً فيبدأ الأجل من تاريخ العقد، ما لم يتفق على خلاف ذلك.
والجدير بالتنويه هو ما يقع على عاتق البائع والمشتري من التزامات، حيث يعد من أهم إلتزامات البائع، أن يقوم بما هو ضروري من جانبه لنقل ملكية المبيع للمشتري وأن يمتنع عن أي عمل من شأنه جعل نقل الملكية مستحيلاً أو عسيراً، وكذلك يضمن البائع عدم تعرضه للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه.
أما أهم إلتزامات المشتري في عقد البيع فتكون هي أداء الثمن قبل تسلّم المبيع، ما لم يتفق على خلاف ذلك.
عقد المقايضة هو عقد مبادلة مال بمال على سبيل التمليك ليس أي منهما نقداً، ويعد كل من المتقايضين بائعاً لما قايض به ومشترياً لما قايض عليه، ولا يُخرج المقايضة عن طبيعتها إضافة نقد إلى أحد العوضين لتعويض الفرق في القيمة، إلا إذا كان ذلك العوض أقل قيمة من النقد الذي أضيف إليه، فيصير العقد بيعاً، وتكون نفقات عقد المقايضة مناصفة بين طرفي العقد ما لم يتفق على خلاف ذلك، وتسري على عقد المقايضة أحكام عقد البيع بما لا يتعارض مع طبيعته.
عقد الهبة هو عقد يُملك بمقتضاه الواهب حال حياته الموهوب له مالاً دون عوض، وإذا كان الموهوب عقاراً فلا تنعقد هبته إلا بتوثيقها وفق النصوص النظامية، وإذا كان الموهوب منقولاً فلا تنعقد هبته إلا بتوثيقها وفق النصوص النظامية أو بالقبض ولو من دون توثيق.
كما أنه لا ينفذ عقد الهبة إذا كان الموهوب غير مملوك للواهب إلا إذا أجازه المالك، وتجدر الإشارة إلى أنه لا يضمن الواهب استحقاق الموهوب ولا خلوه من العيوب، ولكنه مسؤول عما يلحق الموهوب له من ضرر بسبب الاستحقاق أو العيب إذا تعمد إخفاء أي منهما أو ضمن خلو الموهوب منهما.
وكذلك تجدر الإشارة إلى أنه يجوز للواهب أن يرجع في الهبة إذا قبل الموهوب له رد الموهوب، وإذا لم يقبل الموهوب له رد الموهوب فللواهب أن يطلب ذلك من المحكمة في الحالات الآتية:
أ- إذا كانت الهبة من أحد الوالدين لولده إذا وجد مسوّغ لذلك.
ب- إذا جعل الواهب لنفسه حق الرجوع في الهبة في حالاتٍ حددها يكون له فيها غرض مشروع.
ج- إذا كانت الهبة مشروطة صراحة أو ضمناً بالتزام على الموهوب له وأخل به.
وأيضاً ليس للواهب عند الرجوع في الهبة استرداد عين الموهوب في الحالات الآتية:
أ- إذا تصرف الموهوب له في الموهوب تصرفاً ناقلاً للملكية، فإذا اقتصر التصرف على بعض الموهوب فللواهب استرداد الباقي.
ب- إذا زاد الموهوب زيادة متصلة ذات أهمية، أو غير الموهوب له الموهوب على وجه تغير فيه اسمه أو طبيعته.
ج- إذا هلك الموهوب في يد الموهوب له، فإن هلك بعضه فللواهب استرداد الباقي.
عقد القرض هو عقد يُملك بمقتضاه المقرض شيئاً مثلياً للمقترض على أن يرد مثله، كما أنه لا ينعقد القرض إلا بقبض الشيء المقترض، وكذلك يجب في القرض أن يكون المقرض كامل الأهلية، وليس للولي أو الوصي إقراض مال من هو في ولايته ولا اقتراضه إلا وفقاً للنصوص النظامية.
ويقع باطلاً كل شرط عند العقد أو عند تأجيل الوفاء يتضمن زيادة في رد القرض يؤديها المقترض إلى المقرض، وأيضاً لا يضمن المقرِض استحقاق المال المقترض ولا خلوه من العيوب ولكنه مسؤول عما يلحق المقترض من ضرر بسبب الاستحقاق أو العيب إذا تعمد إخفاء أيٍّ منهما أو ضمن خلو المال المقترَض منهما، وإذا استُحق المال المقترض وهو قائم في يد المقترض سقط التزامه برد مثله، وإذا ظهر في المال المقترض عيب واختار المقترِض استبقاء المال فلا يلتزم إلا برد قيمته معيباً.
وإذا عُين للقرض أجل أو غرض لم يلزم المقترض الوفاء قبل انقضاء الأجل أو المدة المعتادة للانتفاع به في مثل ذلك الغرض، كما إنه إذا لم يعين للقرض أجل أو غرض لزم المقترض الوفاء عند طلب المقرض، ما لم يكن المقترض يتضرر بالوفاء فلا يلزمه إلا إذا مضت المدة المعتادة للانتفاع بمثل المال المقترض.
كما يلتزم المقترِض برد مثل الشيء المقترض مقداراً ونوعاً وصفة عند انقضاء مدة القرض، فإذا تعذر رد مثله وجب رد قيمته يوم الاقتراض، وكذلك يلتزم المقترض بالوفاء في مكان القرض، ما لم يتفق على خلاف ذلك.
5- عقد الصلح
عقد الصلح هو عقد يحسم بمقتضاه المتصالحان نزاعاً قائماً أو يتوقيان نزاعاً محتملاً، بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن مُطالبته أو جزء منها، ويجب أن يكون المتصالح أهلاً للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح، وإذا تضمن الصلح إسقاط شيء من الحقوق دون مقابل وجب أن يكون من أسقط حقه كامل الأهلية، كما يجب أن يكون المتصالح عنه مما يصح أخذ العوض في مقابله.
ويصح الصلح ولو كان الحق الذي يشمله مجهولاً إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم وكان الحق مما يتعذر العلم به في مدة قريبة بحسب طبيعة الحق ومقداره ومكانه، وكذلك يصح الصلح عن الحقوق سواءً أقر بها المدعى عليه أو أنكرها أو سكت ولم يبد فيها إقراراً ولا إنكاراً.
وأيضاً يصح الصلح على بعض ما يدعيه المتصالح في ذمة الآخر، ويصح الصلح على تأجيل الدين المدعى به أو بعضه دون زيادة، أو على تعجيله والحط منه.
والجدير بالذكر أنه لا يُنشئ الصلح حقاً جديداً لأي من المتصالحين فيما يشمله من الحقوق، وأما عوض الصلح من غير هذه الحقوق فيُنشئ فيه الصلح حقاً، وتسري عليه أحكام المعاوضة بحسب طبيعة العوض والحق المتنازل عنه، كما يترتب على عقد الصلح انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتصالحين، وليس لأي منهما أو لورثته الرجوع فيه.
6- عقد المسابقة
عقد المسابقة هو عقد يلتزم بمقتضاه شخص ببذل جُعل لمن يفوز في سباقٍ يتوقف الفوز فيه على عمل المتسابق، ويصح في المسابقة أن يكون الالتزام بالجُعل من بعض المتسابقين أو من غيرهم، ولا يصح أن يكون من جميعهم، وإذا كانت المسابقة بين فريقين عُد كل فريق في حكم الشخص الواحد في الالتزام بالجعل.
7- عقد الإيجار
عقد الإيجار هو عقد يمكنُ بمقتضاه المؤجر المستأجر من الانتفاع مدة معينة بشيء غير قابل للاستهلاك مقابل أجرة، وإذا عُقد الإيجار على شيء معين بأجرة إجمالية، وذُكر عدد وحداته دون بيان أجرة كل وحدة منها، فظهرت وحداته أزيد أو أنقص، كانت الأجرة هي المحددة في العقد لا يزاد عليها ولا ينقص منها، وللمستأجر في حالة النقص طلب فسخ العقد، وإذا حددت في العقد أجرة كل وحدة التزم المستأجر بالأجرة المحددة للوحدات الزائدة، والتزم المؤجر بإنقاص الأجرة المحددة للوحدات الناقصة، وللمستأجر طلب الفسخ في الحالتين، كما إنه إذا كان مقدار النقص أو الزيادة يسيراً ولا أثر له في المنفعة المقصودة فليس للمستأجر طلب الفسخ.
وتبدأ مدة الإيجار من التاريخ المحدد في العقد، فإذا لم يحدد فمن تاريخ انعقاد العقد، كما إنه إذا لم تعين مدة الإيجار وكانت الأجرة عن وحدة زمنية معينة عُد عقد الإيجار منعقداً إلى نهاية تلك الوحدة الزمنية، وإلا عينت المحكمة مدة الإيجار بحسب العرف وظروف العقد.
وبالنسبة للالتزامات التي تكون على عاتق المؤجر والمستأجر بموجب عقد الإيجار المبرم بينهما، فإنه يتعين على المؤجر تسليم المأجور وملحقاته في حالٍ يصلح معها لاستيفاء المنفعة المقصودة كاملة، حيث يكون التسليم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور دون مانعٍ يعوق الانتفاع، مع بقاء ذلك مستمرّاً حتى انقضاء مدة الإيجار.
كما يلتزم المؤجر أيضاً بالإصلاحات الضرورية اللازمة لبقاء المأجور صالحاً للانتفاع، بما في ذلك إصلاح أي خللٍ في المأجور يؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة، وكذلك يكون على المؤجر أن يمتنع عن التعرض للمستأجر في استيفائه للمنفعة طوال مدة الإيجار، بما في ذلك أن يحدث المؤجر في المأجور تغييراً يمنع من الانتفاع به أو يخل بالمنفعة المقصودة وإلا كان ضامناً، ويعد في حكم تعرض المؤجر التعرض الصادر من أحد تابعيه، وأيضاً يضمن المؤجر للمستأجر التعرض الصادر من الغير إذا كان التعرض مبنياً على سبب نظامي، كما يضمن المؤجر للمستأجر ما يوجد في المأجور من عيوب تحول دون الانتفاع به أو تنقص منه.
أما بخصوص الالتزامات التي تقع على المستأجر فيلتزم المستأجر بأن يؤدي الأجرة في المواعيد المتفق عليها، فإن لم يتفق على المواعيد التزم بأدائها عند تسليم المأجور، وإذا كانت مدة عقد الإيجار مقسمة على فتراتٍ زمنية التزم بأدائها في بداية كل فترة زمنية، وأيضاً يلتزم المستأجر بأن يحافظ على المأجور محافظة الشخص المعتاد، ويلتزم بتعويض المؤجر عما يلحق المأجور من أضرارٍ ناشئةٍ عن تعديه أو تقصيره، وإذا تعدد المستأجرون لزم كل واحد منهم التعويض عن الأضرار الناشئة عن تعديه أو تقصيره.
وكذلك يلتزم المستأجر برد المأجور إلى المؤجر عند انتهاء عقد الإيجار بالحال التي تسلمه بها، ويُستثنى من ذلك ما يقتضيه الاستعمال المعتاد، وأيضاً لا يجوز للمستأجر أن يؤجر المأجور كله أو بعضه أو يتنازل عن العقد إلا بإذن المؤجر أو إجازته، هذا بالإضافة لتقيد المستأجر المأذون له بالتأجير أو التنازل للغير عند قيامه بذلك بقيود المنفعة التي يملكها نوعاً وزمناً.
وتجدر الإشارة إلى أنه ينتهي عقد الإيجار بانقضاء المدة المعينة فيه، ما لم يُشترط تجدده تلقائياً، وإذا انتهى عقد الإيجار واستمر المستأجر في الانتفاع بالمأجور برضى المؤجر الصريح أو الضمني عُد العقد مجدداً بشروطه وضماناته عدا الضمانات المقدمة من الغير، كما أنه لا ينتهي عقد الإيجار بموت أحد المتعاقدين، ولورثة المستأجر طلب فسخ العقد خلال مدة معقولة إذا أثبتوا أن أعباء العقد قد أصبحت بسبب موت مورثهم أثقل من أن تتحملها مواردهم من التركة، أو أن العقد يتجاوز حدود حاجتهم أو أنه أُبرم بناءً على اعتبارات تتعلق بشخص مورثهم.
8- عقد الإعارة
عقد الإعارة هو عقد يمكن بمقتضاه المعير المستعير من الانتفاع بشيء غير قابل للاستهلاك مدة معينةً أو لغرض معين دون عوض على أن يرده، كما أن الإعارة لا تنعقد إلا بقبض الشيء المعار، وإذا عُين للإعارة أجل أو غرض لم يلزم المستعير رد الشيء المعار قبل انقضاء الأجل أو المدة المعتادة للانتفاع به في مثل ذلك الغرض، وإذا لم يُعين للإعارة أجل أو غرض لزم المستعير رد الشيء المعار عند طلب المعير، ما لم يكن المستعير يتضرر بالرد فله حق استبقائه إلى أن يزول الضرر، فإن تجاوز المدة المعتادة للانتفاع بمثله لزمته أجرة المثل عن المدة الزائدة.
ويكون على المستعير أن يبذل في حفظ الشيء المعار العناية التي يبذلها في المحافظة على ماله دون أن ينزل عن عناية الشخص المعتاد، ولا يجوز له أيضاً أن يتصرف في الشيء المعار تصرفاً يرتب لأحد حقاً في عينه أو منفعته إلا بإذن المعير.
والجدير بالإشارة أن عقد الإعارة ينتهي بموت المعير أو المستعير، ولا ينتقل إلى الورثة، ما لم يتفق على خلاف ذلك، وأيضاً ينتهي عقد الإعارة بانقضاء الأجل المتفق عليه أو باستيفاء المنفعة محل الإعارة، كما إنه إذا رد المستعير الشيء المعار قبل انقضاء مدة الإعارة، لزم المعير تسلمه، ما لم يترتب على ذلك ضرر.
9- عقد المقاولة
عقد المقاولة بأنه عقد يلتزم بمقتضاه المقاول بصنع شيء أو أداء عمل مقابل أجر دون أن يكون تابعاً لصاحب العمل ولا نائباً عنه، والجدير بالذكر أن المقاول إذا اشترط صاحب العمل أن يقدم المقاول المواد كلها أو بعضها، كان المقاول مسؤولاً عن توفر الشروط والمواصفات المتفق عليها إن وجدت، وإلا التزم بأن تكون وافيةً بالغرض المقصود وفقاً للعرف، أما إذا كان صاحب العمل هو الذي قدم المواد، التزم المقاول بأن يبذل في المحافظة عليها عناية الشخص المعتاد وأن يراعي في عمله الأصول الفنية وأن يرد إلى صاحب العمل ما بقي منها.
كما يلتزم المقاول بإنجاز العمل وفقاً لشروط العقد وفي المدة المتفق عليها، فإن لم تكن هناك شروط أو لم يُتفق على مدة التزم بإنجازه وفقاً للأصول المتعارف عليها وفي المدة المعقولة التي تقتضيها طبيعة العمل.
ومن جانب أخر يلتزم صاحب العمل بالوفاء بالأجر عند تسلم العمل المتفق عليه، ما لم يتفق على خلاف ذلك، وإذا كان العمل مكوناً من عدة أجزاء، أو كان الأجر محدداً على أساس الوحدة، التزم صاحب العمل بأن يفي للمقاول من الأجر بقدر ما أنجز من العمل بعد معاينته وقبوله، على أن يكون ما تم إنجازه متميزاً أو ذا أهمية بالنسبة إلى العمل في جملته.
والجدير بالذكر أن عقد المقاولة ينتهي بإنجاز العمل المتفق عليه، كما ينفسخ عقد المقاولة بموت المقاول إذا اشتُرط أن يعمل المقاول بنفسه أو كان العقد قد أبرم بناءً على اعتبارات تتعلق بشخصه.
10- عقد الوكالة
عقد الوكالة بأنه عقد يقيم بمقتضاه الموكل الوكيل مقام نفسه في تصرف نظامي، وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز للوكيل أن يوكل غيره فيما وكل فيه أو في بعضه إلا إذا كان مأذوناً له بذلك من قبل الموكل، ويعد الوكيل الثاني وكيلاً عن الموكل الأصلي، وأيضاً ليس للوكيل الذي وكّل في شراء شيء دون بيان ثمنه أن يشتريه بأكثر من ثمن المثل.
وكذلك لا يجوز للوكيل في البيع أن يشتري لنفسه ما وكّل في بيعه إلا بإذن موكله، وأيضاً لا يجوز للوكيل في البيع أن يبيع إلى أصوله أو فروعه أو زوجه أو إلى من كان التصرف معه يجر مغنماً أو يدفع مغرماً إلا بإذن موكله.
ومن جانب أخر يلتزم الموكل بأداء الأجر المتفق عليه للوكيل متى أنجز العمل، فإن لم يتفقا على دفع أجر وكان الوكيل ممن يعمل بأجر على سبيل الاعتياد فله أجر المثل، وإلا كان متبرعاً، كما يلتزم الموكل بأن يرد للوكيل ما أنفقه في سبيل تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد.
وينتهي عقد الوكالة بإنجاز العمل الموكل فيه، أو بانقضاء الأجل المعين للوكالة، أو بموت الموكّل أو الوكيل، أو بفقد أحدهما أهليته.
11- عقد الإيداع
عقد الإيداع بأنه عقد يحفظ بمقتضاه المودع لديه مال المودع على أن يرده بعينه، كما أنه يلتزم المودع لديه بأن يبذل في حفظ الوديعة العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الشخص المعتاد، فإن كان الإيداع بأجر فعليه أن يبذل في حفظها عناية الشخص المعتاد، ومن ناحية أخرى فإذا كان الإيداع بأجر فعلي المودع أن يؤدي الأجر المتفق عليه في الوقت الذي انتهى فيه حفظ الوديعة، ما لم يتفق على خلاف ذلك.
وينتهي عقد الإيداع بانقضاء الأجل المتفق عليه، أو برد الوديعة رضاءً أو قضاءً، أو بموت المودع لديه، ما لم يُتفق على خلاف ذلك.
12- عقد الحراسة
حيث أوضحت المادة السابعة عشرة بعد الخمسمائة من نظام المعاملات المدنية، عقد الحراسة بأنه عقدٌ يتولى بمقتضاه الحارس حفظ مالٍ متنازع فيه وإدارته ورده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه، كما يلتزم الحارس بأن يبذل في حفظ الأموال المعهودة إليه حراستها وفي إدارتها عناية الشخص المعتاد، ويستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل فإن لم يُتفق على دفع أجرٍ كان له أجر المثل، وتنتهي الحراسة باتفاق ذوي الشأن، أو بحكم المحكمة، أو بانتهاء مدتها إن كانت محددة المدة.
13- عقد الشركة
تجدر الإشارة إلى أن الشركة عقد يسهم بمقتضاه شريكان أو أكثر بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معاً في مشروع لاقتسام ما ينشأ عنه من ربح أو خسارة، كما إنه لا تسري أحكام هذا العقد الوارد في نظام المعاملات المدنية على الشركات المقررة أحكامها في نصوص نظامية خاصة، كنظام الشركات.
14- عقد المضاربة
عقد المضاربة هو عقد يسلم رب المال بمقتضاه مالاً لمن يعمل فيه بجزء شائع من الربح، ويلتزم رب المال بتسليم مال المضاربة للمضارب وتمكينه من إدارته والتصرف فيه، كما يكون على المضارب أن يزود رب المال بالمعلومات المتعلقة بأعمال المضاربة وأن يقدم له حساباً عنها عند انتهاء مدتها، وإذا كان العقد غير معين المدة وجب تقديم هذه المعلومات في نهاية كل سنة، وذلك كله ما لم يتفق على خلافه، وينتهي عقد المضاربة بانقضاء الأجل إذا كان العقد معين المدة، أو بانتهاء العمل الذي عقدت المضاربة من أجله.
15- عقد المشاركة في الناتج
عقد المشاركة في الناتج هو عقد يسلم رب المال بمقتضاه شيئاً غير قابل للاستهلاك لمن يستغله مقابل جزء شائع من الناتج، وينتهي عقد المشاركة في الناتج بانقضاء الأجل، أو بإنجاز العمل، أو بموت العامل إن كان مقصوداً لشخصه في العقد، أو إذا اختار الورثة عدم إتمام العمل، ولرب المال طلب فسخ العقد إذا لم تتوفر في الورثة الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل.
16- عقد المشاركة الزراعية
عقد المشاركة الزراعية هو عقد تسلم بمقتضاه أرض أو شجر لمن يعمل عليها مزارعة أو مساقاة مقابل جزء شائع من الناتج، كما إنه يستحق كل متعاقد نصيبه من الناتج بظهوره، فإذا انقضت المدة قبل ظهوره لم يستحق أحد المتعاقدين شيئاً على الآخر، وإذا انقضت بعد ظهور الناتج وقبل أن يبلغ حصاده أو جذاذه، خُير العامل بين أن يعمل إلى بلوغ الحصاد أو الجذاذ ويأخذ نصيبه كاملاً أو أن يترك العمل، فإذا اختار ترك العمل وأنفق رب المال النفقات اللازمة لبلوغ الحصاد أو الجذاذ فللعامل نصيبه من الناتج بعد أن يقتطع رب المال منه ما أنفقه.
17- عقد الكفالة
عقد الكفالة هو عقد يلتزم بمقتضاه الكفيل للدائن بأن يفي بالتزام على المدين إذا لم يَفِ به المدين نفسه، ويجب في عقد الكفالة أن يكون الكفيل كامل الأهلية، كما إنه لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام المكفول به صحيحاً.
والجدير بالذكر، أنه إذا وفي الكفيل الدين فعلى الدائن أن يسلمه جميع المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع على المدين، وإذا وفى الكفيل الدين وكان الدين موثّقاً بضمان عيني، فعلى الدائن التخلي عنه للكفيل إن كان منقولاً، أو القيام بالإجراءات اللازمة لنقل حقوقه إلى الكفيل إن كان عقاراً، ويتحمل الكفيل نفقات هذا النقل.
ويبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين، وللكفيل ولو كان متضامناً أن يتمسك بجميع الدفوع التي يحتج بها المدين، ما لم يكن ما يحتج به المدين هو نقص أهليته وكان الكفيل عالماً بذلك وقت التعاقد فليس له أن يحتج به، ولا ينتهي عقد الكفالة بموت الكفيل أو المدين ويبقى الالتزام على تركة من مات منهما.