يعد القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية من أهم القطاعات المتعامل عليها، فهو من أكبر القطاعات من حيث المساهمة في الناتج المحلى للمملكة، وكذلك من أفضل مجالات الإستثمار ربحية، فالعقار يعد عنصر هام من عناصر الإنتاج، ولكل تلك الإعتبارات نجد أن القطاع العقاري محط إهتمام من المنظم السعودي، حيث الحرص والمداومة على التطوير والتحديث من التشريعات المنظمة لهذا القطاع الإستثماري العملاق لمواكبة التطورات العالمية فيه، وخاصة الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالأنشطة التي تمارس ضمن القطاع العقاري السعودي، فعلى سبيل المثال أصدرت المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة نظام جديد للوساطة العقارية، حيث يعد نشاط الوساطة العقارية في السعودية من أكثر الأنشطة إرتباطاً بالعقار، وهذا لأن سواء كان العقار أرض أو بناء فهما عرضه لإجراء صفقات بيع وشراء وتأجير وخدمات أخرى تحت طرفي سوق العرض والطلب والتي يمكن أن تتم من خلال مهنة الوساطة العقارية، ومن هنا يتضح لنا مفهوم الوساطة العقارية في السعودية حيث تعد نشاط يمارس للتوسط في إتمام صفقة عقارية بين أطرافها، وذلك مقابل الحصول على عمولة، ويشمل ذلك الوساطة الإلكترونية من خلال وسائل التقنية كالمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الإجتماعي ونحوها، ويسمى مزاول الوساطة العقارية بالوسيط العقاري وهو يمكن أن يكون فرد أو شركة شريطة الحصول على ترخيص له بممارسة الوساطة العقارية أو تقديم الخدمات العقارية كالأنشطة المتعلقة بالعقار والتسويق له وإدارته وبيعه وبيع منفعته وتأجيره ومن ذلك التسويق العقاري، وإدارة الأملاك، وإدارة المرافق، والمزادات العقارية، والإعلانات العقارية، والاستشارات والتحليلات العقارية، ومن هذا المنطلق سوف نستعرض في هذا المقال مهام الجهة المختصة بالرقابة والإشراف على تلك المهنة في المملكة، وضوابط عقد الوساطة العقارية وكيفية إتمام الصفقة العقارية، وأيضا عمولة الوسيط العقاري في السعودية، بالإضافة إلى توضيح كافة الإلتزامات التي تقع على عاتق الوسيط العقاري، والمخالفات التي يرتكبها الوسيط العقاري وعقوبتها.
تعد الهيئة العامة للعقار في المملكة العربية السعودية هي الجهة المختصة بالإشراف على الأنشطة العقارية والتي منها مزاولة خدمات الوساطة العقارية في بيع العقارات أو شراؤها أو تأجيرها، كما يعد الغرض الأساسي للهيئة وفق المادة الثالثة من نظام تنظيم الهيئة العامة للعقار هو العمل على تنظيم النشاط العقاري غير الحكومي والإشراف عليه وتطويره ورفع كفايته وتشجيع الإستثمار فيه بما يتفق مع أهداف التنمية الإقتصادية والإجتماعية، أما بالنسبة عن الحديث عن مهام الهيئة بشأن الوساطة العقارية فهي بموجب المادة الخامسة من نظام الوساطة العقارية السعودي تقوم بإعداد نماذج العقود الإلزامية والإسترشادية، كما تقوم بإعداد برامج وآليات للتحفيز على ممارسة الوساطة العقارية، وتحدد أيضاً الإشتراطات والمواصفات لوسائل التسويق العقاري، وتضع المعايير والضوابط اللازمة لممارسة الوساطة العقارية، وتُعد إجراءات ضبط المخالفات وتلقي البلاغات والشكاوى، ومن جانب أخر يتولى مجلس إدارة الهيئة العامة للعقار وفق المادة السادسة من نظام الوساطة العقارية إعتماد اللوائح التنظيمية للنشاطات والخدمات المشمولة بإختصاصات الهيئة وإعتماد المعايير والضوابط اللازمة لممارسة الوساطة العقارية وتحديد المقابل المالي للتراخيص التي تصدرها الهيئة العامة للعقار، وأيضاً إعتماد إجراءات ضبط المخالفات وتلقي البلاغات والشكاوى. ووفقاً للمادة السابعة عشرة من نظام الوساطة العقارية تباشر الهيئة العامة للعقار مهمات الرقابة والتفتيش والضبط لتنفيذ أحكام النظام، ويجوز لها أن تستعين بمن تراه من الجهات العامة أو الخاصة لتأدية هذه المهمات، كما يتولى المكلّف بالرقابة والتفتيش والضبط ضبط ما يقع من مخالفات لأحكام النظام، وفقاً لإجراءات الضبط التي تحددها اللائحة التنفيذية لنظام الوساطة العقارية.
فكما سبق الإشارة أن العقار سواء كان أرض فضاء أو مبنى يمكن أن تتم عليه بعض الصفقات العقارية والتي تشمل وفقاً لنظام الوساطة العقارية السعودي بيع أو شراء أو تأجير العقار أو منفعته وتلك الصفقات يتولاها الوسيط العقاري بموجب عقد يسمى وفق النظام بعقد الوساطة العقارية، وهو عبارة عن إتفاق بين الوسيط العقاري والطرف المستفيد من الوساطة العقارية لإتمام صفقة عقارية أو تقديم خدمة عقارية. والجدير بالذكر بخصوص عقد الوساطة العقارية أن المادة السابعة من نظام الوساطة العقارية السعودي وضعت بعض الضوابط التي يجب إتباعها فيه، بحيث يجب أن يكون عقد الوساطة العقارية مكتوب، وأن يقوم الوسيط العقاري بإيداع نسخة من العقد لدى الهيئة العامة للعقار، وكذلك أيضاً يجب أن يكون عقد الوساطة العقارية محدد المدة، وإذا لم يتفق على المدة في العقد فتكون لمدة تسعين يوماً من تاريخ إبرام عقد الوساطة العقارية. كما يكون على الوسيط العقاري وفق المادة التاسعة من نظام الوساطة العقارية السعودي عند إبرام عقد الوساطة العقارية مع مالك العقار أو مالك المنفعة الحصول على صورة من إثبات ملكية العقار أو ملكية المنفعة، والمعلومات والوثائق التي تحددها الهيئة العامة للعقار.
إن العمولة هي مبلغ يستحقه الوسيط العقاري مقابل الوساطة العقارية والجدير بالذكر ما نصت عليه المادة الرابعة عشرة من نظام الوساطة العقارية السعودي بتحديد عمولة الوساطة العقارية بنسبة 2,5% من قيمة الصفقة إن كانت بيعاً، ومن قيمة إيجار السنة الأولى فقط إن كانت إيجاراً، ما لم يتفق أطراف عقد الوساطة كتابة على غير ذلك، ويتحمل دفع العمولة الطرف المتعاقد مع الوسيط العقاري في عقد الوساطة العقارية، هذا بالإضافة إلى أنه في حال أبرم الوسيط العقاري عقد وساطة عقارية مع أكثر من طرف من أطراف الصفقة العقارية الواحدة فلا يجوز أن يتجاوز مجموع ما يتقاضاه من عمولة عن 2,5%، كما أن الوسيط العقاري يستحق العمولة وفق المادة الخامسة عشر من نظام الوساطة العقارية في حالة إتمام الصفقة العقارية التي توسط بها وفق عقد الوساطة أثناء مدة سريانه أو خلال مدة لا تتجاوز شهرين من إنتهاء العقد، على أن يثبت وساطته في هذه الحالة وأيضاً في حالة عدم إتمام الصفقة العقارية وإستحقاق البائع أو المؤجر للعربون.
فمثلما وضع نظام الوساطة العقارية بعض الضوابط التي يجب أن تتبع في عقد الوساطة العقارية، وهذا بجانب ما سيتم بيانه في اللائحة التنفيذية للنشاط، أوضح النظام أيضاً كافة الإلتزامات التي تقع على عاتق الوسيط العقاري في المملكة العربية السعودية. حيث يلتزم الوسيط العقاري في السعودية بموجب المادة العاشرة من نظام الوساطة العقارية بممارسة نشاط الوساطة العقارية بنفسه إذا كان فرد، أو بواسطة المدير المسؤول أو أحد تابعيه المرخص له إذا كان شركة، ويلتزم أيضاً بعدم القيام بأي فعل أو الإمتناع عن أي فعل، يكون من شأنه الإضرار بمصالح المتعاملين معه، أو يتعارض مع أحكام نظام الوساطة العقارية، وكذلك يكون ملزم بإبلاغ الهيئة العامة للعقار عن أي تعديل أو تغيير متعلق بممارسة نشاط الوساطة العقارية، وكذلك يلتزم الوسيط العقاري في السعودية بعدم إفشاء سر من أسرار الصفقات محل أعمال الوساطة العقارية، هذا بالإضافة لضرورة أن يبذل الوسيط العقاري العناية اللازمة للتحقق من صحة المعلومات التي يحصل عليها من مالك العقار أو مالك المنفعة، ويلتزم أيضاً الوسيط العقاري عند عرضه للعقار بالإفصاح عن المعلومات التي حصل عليها من مالك العقار أو المنفعة وعدم تقديم أي معلومة مضللة بشأن العقار، ويتعين على الوسيط أيضاً بيان إسمه ورقم الترخيص في أي إعلان أو منشور متعلق بالعقار، وممارسة نشاطه بشفافية ومصداقية، وتقديم الخدمات بجودة وكفاية. ويكون الوسيط العقاري ملزم بموجب المادة الحادية عشرة من نظام الوساطة العقارية السعودي بتسجيل جميع عقود الوساطة العقارية التي يبرمها وجميع الصفقات العقارية التي يتمها في المنصة الإلكترونية الخاصة بها، كما يتسلم الوسيط العقاري بموجب المادة الثانية عشرة من نظام الوساطة العقارية الضمان وهو مبلغ يدفعه المستأجر على سبيل الأمانة لتعويض مالك العقار أو المنفعة عن أي ضرر داخل في ضمانة المستأجر وواقع بسببه، ويقوم بتسليمه للهيئة العامة للعقار أو من تفوضه الهيئة، ويحفظ لديها إلى حين إعادة تسليم العقار دون أضرار، ويعاد الضمان أو ما تبقى منه إلى المستأجر بعد إقتطاع قيمة الأضرار. والجدير بالذكر أن كل خلاف ينشأ بين المؤجر والمستأجر في شأن الضمان وتقدير الأضرار التي يشملها؛ يحل ابتداءً عن طريق خبراء متخصصين تحددهم الهيئة العامة للعقار بموافقة الطرفين على ذلك، ويتحمل الطرفان أتعابهم مناصفة، فإن لم يتفق الطرفان على قبول حل الخبراء فإن لهما الحق في اللجوء إلى المحكمة المختصة. وكذلك أيضاً يكون الوسيط العقاري ملزم بموجب الفقرتين الأولى والثانية من نظام الوساطة العقارية بعدم تسلم أي مبلغ من أي من الأطراف المتعاقد معهم لمصلحة أي منهم إلا بالقدر الذي يتطلبه القيام بعمله وعدم التصرف في أي مبلغ تسلم له من الأطراف المتعاقد معهم إلا في الأغراض المخصصة له، كما يجب أن ننوه بأن الوسيط العقاري ملزم أيضاً بتمكين المكلف بالرقابة والتفتيش والضبط من أداء أعماله وتسهيل مهماته، ويشمل ذلك دخول مقر العمل وتزويده بما يطلب من مستندات أو معلومات متصلة بأحكام نظام الوساطة العقارية، وذلك وفق الفقرة الثالثة من المادة السابعة عشر من نظام الوساطة العقارية السعودي.
بينت المادة الثامنة عشرة من نظام الوساطة العقارية السعودي ما يعد من قبل المخالفات التي يمكن أن يرتكبها الوسيط العقاري، ومنها ممارسة نشاط الوساطة العقارية والخدمات العقارية دون ترخيص، أو تقديم معلومات غير صحيحة للحصول على ترخيص لممارسة نشاط الوساطة العقارية والخدمات العقارية، أو تقديم معلومات مضللة أو إخفاء معلومات جوهرية في شأن العقار محل الوساطة أو الخدمات العقارية. كما أوضحت المادة التاسعة عشرة من نظام الوساطة العقارية السعودي العقوبات التي يتعرض لها الوسيط العقاري حال إرتكابه أي من المخالفات السابق ذكرها، بحيث يمكن أن يعاقب بالإنذار، أو تعليق ترخيص الوسيط العقاري لمدة لا تتجاوز سنة، أو إلغاء ترخيص الوسيط العقاري، أو غرامة لا تتجاوز مائتي ألف ريال سعودي، هذا بالإضافة إلى أنه تجوز مضاعفة الغرامة المحكوم بها في حال تكرار المخالفة خلال ثلاث سنوات من إرتكابها. ويتم النظر في تلك المخالفات السابق ذكرها وتوقيع عقوبتها من لجنة أو أكثر تكون بقرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للعقار من ثلاثة أعضاء على الأقل يكون أحدهم من المختصين في الشريعة أو الأنظمة، وتصدر قراراتها بالأغلبية، ويعتمدها الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، كما يحق لمن صدر بحقه قرار العقوبة التظلم منه لدى الجهة القضائية المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه بقرار العقوبة، وكل ذلك وفق المادة العشرون من نظام الوساطة العقارية السعودي.